كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 6)

وَيُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهَا فِي رَمَضَانَ ; لِأَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً, لِلْخَبَرِ1, وَكَرِهَ شَيْخُنَا الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ لِعُمْرَةِ تَطَوُّعٍ, وَأَنَّهُ بِدْعَةٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ وَلَا صَحَابِيٌّ عَلَى عَهْدِهِ إلَّا عَائِشَةُ, لَا فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ, اتِّفَاقًا. وَلَمْ يَأْمُرْ عَائِشَةَ, بَلْ أَذِنَ لَهَا بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ لِتَطْيِيبِ قَلْبِهَا, قَالَ: وَطَوَافُهُ, وَلَا يَخْرُجُ أَفْضَلُ, اتِّفَاقًا. وَخُرُوجُهُ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَكْرَهْهُ عَلَى سَبِيلِ الْجَوَازِ, كَذَا قَالَ.
وَذَكَرَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَخْتَارُهَا عَلَى الطَّوَافِ, وَيَحْتَجُّ بِاعْتِمَارِ عَائِشَةَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ. الطَّوَافَ وَهِيَ أَفْضَلُ فِي رَمَضَانَ, قَالَ أَحْمَدُ: هِيَ فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً, قَالَ: وَهِيَ حَجٌّ أَصْغَرُ. قَالَ شَيْخُنَا: قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ "مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" 2 يَدْخُلُ فِيهِ بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ ; وَلِهَذَا أَنْكَرَ أَحْمَدُ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ حَجَّةَ التَّمَتُّعِ حَجَّةٌ3 مَكِّيَّةٌ, نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ, وَهِيَ عِنْدَ أَحْمَدَ بَعْضُ حَجَّةِ الْكَامِلِ, بِدَلِيلِ صَوْمِهَا.
فَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا أَوْ النِّيَّةَ لَمْ يَصِحَّ نُسُكُهُ وَمَنْ تَرَكَ وَاجِبًا وَلَوْ سَهْوًا جَبَرَهُ بِدَمٍ, فَإِنْ عَدِمَهُ فَكَصَوْمِ الْمُتْعَةِ وَالْإِطْعَامُ عَنْهُ. وَفِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ لَا يَنُوبُ عَنْهُ وَلَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِهِ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً فَهَدَرٌ, قَالَ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ: وَلَمْ يُشْرَعْ الدَّمُ عنها ; لأن جبران
__________
1 أخرج البخاري "1782", ومسلم "91256" "221", عن ابن عباس بلفظ: "عمرة في رمضان تعدل حجة"
2 أخرجه البخاري "1819", ومسلم "1350" "438", من حديث أبي هريرة.
3 ليست في الأصل.

الصفحة 72