كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم (اسم الجزء: 6)

تقول لمن خاب: له الحجر. وبفيه الحجر. وبفيه التراب، ونحو ذلك، وقيل: المراد بالحجر هنا الرجم. قال النووي: وهو ضعيف، لأن الرجم مختص بالمحصن، ولأنه لا يلزم من رجمه نفي الولد، والخبر إنما سيق لنفي الولد، وفي رواية "الولد للفراش، وفي فم العاهر الحجر" وفي رواية عند ابن حبان "الولد للفراش، وبفي العاهر الأثلب" والأثلب قيل: هو الحجر، وقيل: دقاق الحجر، وقيل التراب.
والعهر بفتح العين والهاء الزنا، وقيل: يختص بالزنا بالليل.
(واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة) حكم صلى الله عليه وسلم بأنه أخوها من أبيها، وأمرها بالاحتجاب منه احتياطا، وسيأتي تفصيل لذلك في فقه الحديث.
وفي رواية البخاري "قالت عائشة: ثم قال لسودة بنت زمعة: احتجبي منه - لما رأى من شبهه بعتبة، فما رآها حتى لقي الله" وفي رواية "فوالله ما رآها حتى ماتت" وفي رواية "فلم تره سودة قط" يعني في المدة التي بين هذا القول وبين موت أحدهما. وفي رواية "فلم تره سودة بعد" والمعنى أنها امتثلت الأمر، وبالغت في الاحتجاب منه، حتى إنها لم تره، فضلا عن أن يراها.

-[فقه الحديث]-
قال النووي: "الولد للفراش" معناه أنه إذا كان للرجل زوجة أو مملوكة صارت فراشا له، فأتت بولد، يمكن أن يكون منه، لحقه الولد، وصار ولدا يجري بينهما التوارث وغيره من أحكام الولادة، سواء كان موافقا له في الشبه أو مخالفا.
ومدة إمكان كونه منه ستة أشهر من حين اجتماعهما.
أما ما تصير به المرأة فراشا فإن كانت زوجة صارت فراشا بمجرد عقد النكاح، ونقلوا في هذا الإجماع، وشرط مالك والشافعي والعلماء كافة إلا أبا حنيفة إمكان الوطء بعد ثبوت الفراش، فإن لم يمكن، بأن ينكح مغربي مشرقية، ولم يفارق واحد منهما وطنه، ثم أتت بولد لستة أشهر أو أكثر، لم يلحقه، لعدم إمكان كونه منه.
ولم يشترط أبو حنيفة إمكان كونه منه، بل اكتفى بمجرد العقد، قال: حتى لو طلق عقب العقد من غير إمكان وطء، فولدت لستة أشهر من العقد لحقه الولد.
قال النووي: وهذا ضعيف، ظاهر الفساد، ولا حجة له في إطلاق الحديث "الولد للفراش" لأنه خرج مخرج الغالب، وهو حصول الإمكان عند العقد.
وأما الأمة فعند الشافعي ومالك تصير فراشا بالوطء، ولا تصير فراشا بمجرد الملك، حتى لو بقيت في ملكه سنين، وأتت بأولاد، ولم يطأها، ولم يقر بوطئها، لا يلحقه أحد منهم، فإذا وطئها صارت فراشا، فإذا أتت بولد أو أولاد لمدة الإمكان لحقوه.
وقال أبو حنيفة: لا تصير فراشا إلا إذا ولدت ولدا واستلحقه، فما تأتي به بعد ذلك يلحقه، إلا أن ينفيه.

الصفحة 10