كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 6)

لمحفله، ولكننا لا نستبعد أن يكون من بينهم بعض المتجنسين وحتى بعض رجال الدين.
من الناحية التاريخية يذكر الكتاب الفرنسيون عهدين طويلين لانتشار الحركة الماسونية في الجزائر ونشاطها السري والعلني وموقفها من الإسلام والمسلمين. العهد الأول من 1830 إلى 1870، والثاني منذ 1871. وخلال العهد الأول (وهو يشمل بالنسبة للفرنسيين ثلاثة أنظمة: ملكية وجمهورية وامبراطورية) فإن زعماء الماسونية اكتفوا بتعميق عقائدهم ومبادئهم في جمعيات سرية كانت متناسبة مع قناعاتهم الذاتية، وهي تقوم على أن الماسونية هي (دين الأديان) في نظرهم، فلا دن يعلو عليها (¬1). وقد تعرضنا إلى ذلك.
أما خلال العهد الثاني (منذ 1871) أو عهد الجمهورية الثالثة الذي دشن اللائكية (العلمانية) في التعليم وشهد فصل الدين عن الدولة في الحكم وجاء بقانون الأندجينا للجزائريين، فإن زعمان وأعضاء الماسونية قد استعملوها لأهداف أخرى كالصهيونية، ومعاداة العرب والمسلمين، ولكنها أصبحت على العموم حركة معادية للدين مهما كان، رغم أن زعماءها وأعضاءها احتفظوا بمثاليتهم الفلسفية والمسيحية والإنسانية في دعواهم.
ففي مؤتمر تيزي وزو سنة 1903 أعلن الماسونيون ضرورة فصل الأطفال عن تعليم القرآن وإبعادهم عن الزوايا والتربية الدينية (الإسلامية). ومن الملاحظ أن يهود الجزائر قد دخلوا الماسونية في أعداد كبيرة بعد تجنسهم سنة 1870. وكان الماسونيون يعقدون المؤتمرات العلنية والسرية. فبين 1905 و 1938 عقدوا حوالي اثني عشر مؤتمرا بعضها كان خاصا بناحية في الجزائر وبعضها كان يشمل المغرب العربي (شمال إفريقية) بل إن بعضها كان يشمل المستعمرات الفرنسية. وكانت بعض المؤتمرات تتناول قضايا
¬__________
(¬1) آجرون (حركة الشبان الجزائريين) في (ميلانج جوليان) المسمى دراسات مغربية، ص 240. وسنتحدت عن ابن رحال فى الفقرة اللاحقة.

الصفحة 418