كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 6)

الأمير عبد القادر قوله (وهو قول مشكوك فيه): لو أن المسلمين والمسيحيين استمعوا إلي لأنهيت الخلاف بينهم، ولأصبحوا إخوة في الظاهر والباطن. وقالوا إن الأمير كان يعيش مسلما ومتصوفا. وفسروا تدخله في حوادث الشام على أنه من قناعته في التسامح الديني لأنه وهو مسلم ومجاهد، تدخل لإنقاذ آلاف المسيحيين. وكان الأمير قد عبر في الجزائر للأسقف دوبوش عن احترامه للدين، وعن عقيدته في أن الدين واحد، وأنه عندما أصبح متصوفا كان يبحث عن الوحدة الداخلية أو الباطنية. وبناء على ذلك فالأمير كان غير متعصب في نظرهم (¬1). ونسب هنري دوفيرييه إلى الحاج عثمان بن الحاج البكري، أحد مقدمي التجانية في الطوارق، أثناء زيارته لفرنسا سنة 1862، أنه أعلن للفرنسيين عندئذ: أن كل دين يمكن أن يقال عنه أنه أفضل من غيره. ونحن المسلمين نقول: إن القرآن قد أكمل الإنجيل والتوراة. ولكن لا أحد ينكر أن الله اختص المسيحيين بمؤهلات بدنية وأخلاقية عظيمة (¬2).
وفي سنة 1905 قدم عبد الحليم بن سماية بحثا إلى مؤتمر المستشرقين بالجزائر قال فيه إن الإسلام يتلخص في الثلاثية المعروفة، وهي الحرية والإخاء والمساواة (شعار الماسونية والثورة الفرنسية). كما أنه نوه بما في الإسلام من الالتزام بالصدق والإخلاص والمروءة والعدل والتواضع واحترام الجار، وغيرها من الفضائل.
وظاهرة عدم التعصب عند المسلمين قد لاحظها الكتاب الفرنسيون في
¬__________
(¬1) لويس فينيون (فرنسا في شمال إفريقية)، ص 250 هامش 1. ونسب إلى الأمير قوله في رسالة بعثها إلى الجمعية الآسيوية/ الفرنسية أن كل الأنبياء من آدم إلى محمد متفقون على وحدة الله وعبادته، ولهم رسالة واحدة، إنما الذي اختلفت عبر العصور هي التفاصيل، وإنما الأديان الثلاثة (الإسلام والمسيحية واليهودية) دين واحد في الأساس. ولعل الأمير إنما يشير إلى الملة الإبراهيمية. انظر أيضا كتاب (المواقف) للأمير. وقد عالجناه في مكان آخر.
(¬2) هنري دوفيرييه (اكتشاف الصحراء)، باريس، 1864، ص 333. انظر أيضا فصل الطرق الصوفية.

الصفحة 429