كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 6)

بالاستعمار العسكري الجماعي، أي إقامة مستوطنات من الجنود وليس من المدنيين. وقد صدر كتاب أونفنتان في نفس الوقت (1843) فأقام نظرية الاستعمار الجماعي بأسلوب جديد. درس أونفنتان نظام الأملاك العقارية عند الجزائريين وقارنها بمثيلاتها في فرنسا، واستخلص الفروق. وبدا له أن الجزائر صالحة لتطبيق مبدإ إقامة التجمعات المجهولة لحل المشكل السياسي لتنظيم العمل، لأن مبدإ التجمع الصناعي ما هو، في نظره، إلا العنصر الخلاق بالنسبة لعلاقات الملكية. وقد نادى أونفنتان بضرورة تدخل الدولة بقوة في تشكيل الملكية في الجزائر. فالجيش الفرنسي يقوم فيها بأعمال الهدم، ومن ثمة يمكن للدولة أن تقوم بتنظيم البناء والعمل المنتج بواسطة الصناعة. ورأى أونفنتان أن استعمال الجيش في الأشغال العمومية هو استعمال انتقالي فقط لأن الدولة هي التي ستنشئ أجهزتها الخاصة بالأشغال العامة، وهي أجهزة دائمة.
ومن المبادئ التي توصل إليها أونفنتان أنه لا يمكن نقل نظام الملكية الفرنسي بحذافيره إلى الجزائر لاختلاف النظامين. ولكنه آمن بضرورة تولي الدولة في الجزائر شؤون الإدارة والحكم وتوجيه العمل. كما أنه لا يمكن، في نظره، الإبقاء على النظام الأهلي في الملكية بدون مساس، ولا توريد النظام الفرنسي للأروبيين في الجزائر. ومن ثمة قال بضرورة إحداث نظام جديد يقوم على مصادرة أملاك الأهالي من الأراضي، مع تعويضهم (؟)، مقترحا أن يكون النظام الجديد شبيها بنظام القبيلة العربية أكثر مما هو شبيه بنظام القرية الفرنسية. فقد لاحظ أن (الدوار) الأهلي يمثل النموذج التقريبي في إدارة الأملاك والحياة الاجتماعية التي يسعى إليها السانسيمونيون. ولذلك اقترح أن يكون المركز الجديد قائم الذات إداريا، على أن يضم العناصر الأساسية: من الشيخ إلى القاضي إلى الماء والسوق ... ويسمى أونفنتان ذلك بالقرية الحقيقية أو المثالية التي تعمل في تشارك والتي تختفي فيها آثار الفردية. وكان أونفنتان قد عينته الحكومة منذ 1839 في (اللجنة العلمية) التي

الصفحة 439