كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 6)

1908. وهما بحثان طويلان وأغلبهما عن الدراسات البربرية التي تمت في مدرسة الآداب بالجزائر وفي غيرها من المدارس الجزائرية على يد المستشرقين الفرنسيين.
وقد استعان باصيه وماسكري منذ أول وهلة بالجزائريين الذين يعرفون البربرية. فوظفا منهم في مدرسة الآداب اثنين ليكونا إلى جانبهما، وهما بلقاسم بن سديرة والهاشمي بن الونيس، ورغم أن ابن سديرة كان يعرف البربرية فقد وظفاه للعربية الدارجة بينما وظفا ابن الونيس للهجات البربرية. وكان ابن الونيس يشتغل معاونا في محكمة الجزائر. ولا نعرف له تأليفا في البربرية. أما الذي وضع قاموسا لتعليمها فهو ابن سديرة. ولكن ابن سديرة توفي سنة 1901. ومنذ حوالي هذا التاريخ ظهر اسم عمر (سعيد) بوليفة ليكون المعاون الرئيسي لباصيه في اللهجات البربرية، وخاصة القبائلية. وقد ظهر اسمه في عالم النشر سنة 1904 حين أصدر مجموعة شعرية قبائلية. كما أرسلته الحكومة الفرنسية في مهمة خاصة إلى المغرب الأقصى عندئذ إذ نشر بعض أعماله عن زيارته للمغرب سنة 1905. وكان بوليفة عندئذ معيدا في مدرسة الآداب مكلفا بتدريس القبائلية (¬1).
ويهمنا أن نعرف أيضا أن مدرسة الآداب قد وظفت ابن أبي شنب في اللغة العربية. وعلى يده ويد غيره من هؤلاء الجزائريين تخرج أمثال ديستان وبيل وديبارمي. وكان باصيه هو الرأس المدبر بالتنسيق مع الإدارة الاستعمارية، وخصوصا لوسياني الذي كان يوظف مواهبه الادارية وسلطته الردعية لتنفيذ مخططات فرنسا والاستشراق. ولوسياني هو الذي نشر في آخر القرن الماضي كتاب (الحوض) مع ترجمة فرنسية، وهو كتاب بالبربرية المكتوبة بالحروف العربية، وموضوعه هو الفقه بأبوابه المعروفة. وهو من تأليف محمد بن علي بن إبراهيم السوسي، من أهل القرن 18 م (¬2).
¬__________
(¬1) سنترجم لكل من ابن سديرة وبوليفة في فصل اللغة.
(¬2) نشره لوسياني في المجلة الافريقية سة 1896 - 1897 في أعداد مختلفة. وقد نشرنا عنه تعريفا في كتابا (أبحاث وآراء) ج 4.

الصفحة 54