كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 6)

ولزومه تكليف,
ـــــــ
مسألة العتبية فظاهرها شاهد لما قاله، وهي في رسم القطعان من سماع عيسى من جامع البيوع، وقوله "كبيع السكران" تشبيه بأصل المسألة في الانعقاد، وعدم اللزوم، وليس تمثيلا للبيع الفاسد كما قد يتبادر للفهم، ولفظ ابن رشد في شرح المسألة المذكورة هذا بين؛ لأنه ليس بيعا فاسدا وإنما هو بيع للبائع فيه الخيار من أجل أنه لم يكن في عقله كبيع السكران على مذهب من لا يلزمه بيعه انتهى. وفي أول كتاب البيوع من التنبيهات نحو كلام ابن عرفة، فإنه جعل بيع المجنون من البيوع الموقوفة لإجازة من له النظر ونصه في أول البيوع الفاسدة مما يفسده لعلة تلحقه ما في عاقديه علة قال كالسفيه والصغير، والمجنون. والرق والسكران إلا أن العقد هنا موقوف لإجازة من له النظر وليس بفاسد شرعا انتهى. بلفظه ونقله أبو الحسن الصغير ولم يتعقبه.
قلت: والأولى أن يحمل كلام العتبية وابن رشد وصاحب التنبيهات وابن عرفة على من عنده شيء من التمييز، وحصل عنده شيء من الاختلاط كالمعتوه ويشهد لذلك تشبيه ابن رشد له ببيع السكران، وقد تقدم في كلامه أن الخلاف إنما هو في لزوم بيع السكران الذي عنده شيء من التمييز، وأما من ليس عنده شيء من التمييز فالظاهر أن بيعه غير منعقد؛ لأنه جاهل بما يبيعه، وما يشتريه، وذلك موجب لعدم انعقاد البيع كما سيأتي
فرع: قال الدماميني في حاشية البخاري في أوله عن مالك: أن المذعور لا يلزمه ما صدر منه في حال ذعره من بيع، وإقرار، وغيره انتهى.
الرابع: تقدم في باب الحج عن ابن فرحون أن الصبي المميز هو الذي يفهم الخطاب، ويرد الجواب، ولا ينضبط ذلك بسن بل يختلف باختلاف الأفهام، ونحوه لابن جماعة الشافعي في منسكه، وعن البساطي أنه الذي عقل الصلاة، والصيام وتقدم أن الأول أحسن والظاهر أن المراد بقوله يفهم الخطاب، ويرد الجواب أنه إذا كلم بشيء من مقاصد العقلاء فهمه، وأحسن الجواب عنه لا أنه إذا دعي أجاب والله أعلم ص: (ولزومه تكليف) ش: لما ذكر ما يشترط في صحة انعقاد البيع ذكر ما يشترط في لزوم البيع لعاقده إذ لا يلزم من انعقاد البيع لزومه، والمعنى أنه يشترط في لزوم البيع أن يكون عاقده مكلفا، فلو باع الصبي المميز أو اشترى انعقد بيعه، وشراؤه، ولكن لا يلزمه ولوليه النظر في إمضائه، ورده بما

الصفحة 35