كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 6)

لا إن أجبر عليه جبرا حراما,
ـــــــ
في كتاب الدعوى والإنكار، ونقله عنه ابن فرحون في فصل الدعاوى التي لا توجب يمينا من كتاب التبصرة، والله أعلم.ص: (لا إن أجبر عليه جبرا حراما) ش: يعني إذا كان شرط لزوم البيع التكليف ممن أجبر عليه أي على البيع جبرا حراما إما بأن يكره على البيع نفسه أو يكره على دفع مال ظلما فيبيع متاعه لذلك، وكالذمي يضغط فيما يتعدى عليه به من جزية أو غيرها فلا يلزمه لانتفاء شرط لزومه الذي هو التكليف؛ لأن المكره غير مكلف كما تقدم، ودليله قوله تعالى {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [البقرة:188] وقوله صلى الله عليه وسلم "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه ". ولما كان الجبر على قسمين حرام غير لازم، وشرعي لازم احترز عن الثاني بقوله "جبرا حراما" والجبر الشرعي قال في التوضيح: وغيره كجبر القاضي المديان على البيع للغرماء، وكجبر العمال على بيع أموالهم، فإنه جائز، ويلزمه سواء كان السلطان يرد المال على من أخذه منه أو يأخذه لنفسه كالمضغوط في دين لزمه؛ لأن إغرام الوالي العمال ما أخذه من الناس حتى فعله الوالي، وعليه أن يرده إلى أهله فإذا حبسه، فهو ظالم في حبسه نقله ابن حبيب عن مطرف، وابن عبد الحكم وأصبغ انتهى. ويعبر أهل المذهب عن هذه المسألة بمسألة بيع المضغوط، وهو المكره، وقال في القاموس: الضغطة بالضم الضيق والشدة والإكراه انتهى. وقال البرزلي: سئل ابن أبي زيد عن المضغوط ما هو فقال: هو من أضغط في بيع ربعه أو شيء بعينه أو في مال يؤخذ منه فباع لذلك انتهى، وظاهر كلام ابن راشد أن التسمية بمسألة المضغوط خاص بما إذا أكره على دفع المال، فباع لذلك ونصه، ولا يلزم بيع المجبور على البيع جبرا حراما. ويخير فيه المكره بعد إذنه فإن أجازه جاز، وإلا بطل، ولو لم يكن على البيع بل على دفع المال ظلما فباع ليؤديه، وهي مسألة المضغوط فنص ابن القاسم عن مالك على أنه يأخذ متاعه بلا ثمن، وأفتى اللخمي أن بيعه ماض، وهو قول السيوري، ورأى أن من اشترى منه ليخلص من العذاب مأجور واعلم أن من أكره على البيع لا يلزمه البيع بإجماع.
قال ابن عرفة: وبيع المكره عليه ظلما لا يلزمه الشيخ عن ابن سحنون والأبهري إجماعا ابن سحنون عنه، وللبائع أن يلزمه المشترى طوعا، وله أخذ مبيعه،. ولو تعددت أشريته كمستحق كذلك، ولا يفيته عتق ولا إيلاد، ويحد المشتري بوطئها انتهى. وأما من أكره على دفع مال فباع لذلك ففيه خلاف مذهب ابن القاسم، وروايته عن مالك أنه لا يلزمه، وقال ابن حبيب: وحكاه عن مطرف وابن عبد الحكم وأصبغ. وقال به سحنون، وأفتى به ابن رشد وغيره لكن سحنونا وابن رشد خالفا في أخذه صاحبه بلا ثمن كما سيأتي، وقال ابن كنانة:

الصفحة 41