كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 6)

الشيخ: وقول عياض أنه بعد العقد يظهر من قوله فرهنك به والفاء للترتيب ومن قوله وينقض هذا الرهن ولو كان في أصل العقد لقال ينقض البيع ا هـ. كلام الشيخ أبي الحسن وكلام عياض في التنبيهات فيه إشارة إلى ما تقدم ونصه إثر كلامه المتقدم. وفي كتاب ابن
ـــــــ
حبيب: إذا وقع الرهن فاسدا بعد تمام البيع ولم يشترط في الرهن بيعا فلا يكون أولى به؛ لأنه لم يخرج من يده بهذا الرهن شيئا، ويظهر أن هذا خلاف المدونة؛ لأنه قال في الكتاب: أو قرض من بيع وقد يكون معنى ما في الكتاب عندي على ما قدمناه أنه أخذه بثمن المبيع لأجل الرهن فيكون كالسلف سواء. وقد خرج من يده الانتفاع بنقد ثمنه وأخذه لأجل الرهن كما قال محمد فيمن أخذ بدين لم يحل إلى أبعد من أجله على أن يعطى حميلا أو رهنا أنه تسقط الحمالة ويرد الرهن إلى ربه إن أدرك قبل أن يدخل في الأجل الثاني؛ لأنه إذا أدخل في الأجل الثاني فهو كسلف لم يحل فيه رهن مقبوض فالرهن به ثابت. ومعنى مسألة ابن حبيب أن الثمن كان مؤجلا فهاهنا إذا فسخنا الرهن لزمه بحقه، ولم يكن أحق به إذ لم يخرج من يده شيئا لأجل الرهن ولم يفسخ الأجل؛ لأنه من بيع ولو كان هذا الشرط في عقد البيع لكان بيعا فاسدا ا هـ. ثم لما أن تمم ابن يونس الكلام على مسألة المدونة هذه كما سنذكر كلامه إن شاء الله ذكر ما نقله عنه ابن غازي وزاد بعده تتمة للكلام السابق ما نصه: كمن قال إن جئتك بالثمن إلى سنة وإلا فالرهن لك بالثمن فهو أحق بالرهن. ابن يونس جعل هذا بيعا صحيحا وهو لا يدري ما يصح له في ثمن سلعته الثمن الذي باعها به، أو الرهن وهذا بيع فاسد إلا أن يكون بعد تمام البيع كما بينا ا هـ. وقال في الذخيرة.
فرع: قال ابن يونس: وإذا رهنه في بيع فاسد رهنا صحيحا أو فاسدا فقبضه فهو أحق به من الغرماء لوقوع البيع عليه ا هـ. وقال الرجراجي: إذا كانت المعاملة صحيحة والرهن فاسدا مثل أن يقع البيع أو السلف على وجه الصحة واللزوم إلى أجل ثم رهنه به رهنا على أنه إن مضت السنة خرج من الرهن فهل يكون أحق بالرهن من الغرماء وهو ظاهر المدونة، والثاني: لا يكون أحق به من الغرماء؛ لأنه لم يخرج بالرهن من يده شيئا وهو قول ابن حبيب والأول أصح وإذا كانت المعاملة فاسدة والرهن صحيحا مثل أن يقع البيع على نعت الفساد بثمن إلى أجل فيرهنه بالثمن رهنا صحيحا إلى ذلك الأجل فإن البيع مفسوخ وترد السلعة مع القيام ويرد الرهن إلى الراهن فإن فاتت السلعة بما يفوت به البيع الفاسد فإن المرتهن أحق بالرهن من الغرماء حتى يقبض القيمة قولا واحدا ا هـ. فعلم من هذا أن المؤلف رحمه الله إنما تبع ابن شاس وأن كلامه مخالف للمدونة ولجميع ما تقدم نقله.
تنبيهات تتعلق بكلام المؤلف وبكلام المدونة المذكور: الأول: قد علم أن السلف الفاسد حكمه حكم البيع الفاسد
الثاني: إذا قلنا أن الرهن لا يبطل في البيع الفاسد فتارة يفسخ مع قيام السلعة قبل فواتها فهذا ظاهر، وتارة يفسخ في القيمة بعد فوات السلعة وحينئذ إما أن تكون القيمة مساوية للثمن أو أقل، أو أكثر فمع التساوي الأمر ظاهر وإن كانت أقل فهل يكون الرهن

الصفحة 550