كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 6)

...................................................................................................
ـــــــ
يلزمه هبة ولا صدقة ولا عطية ولا عتق ولا شيء من المعروف في ماله إلا أن يعتق أم ولده فيلزمه؛ لأنها كالزوجة ليس فيها إلا الاستمتاع بالوطء، واختلف في مالها هل يتبعها أم لا ؟ على ثلاثة أقوال: أحدها أنه يتبعها، وهو قول مالك في رواية أشهب، والثاني: أنه لا يتبعها، وهو رواية يحيى عن ابن القاسم، والثالث: التفرقة بين القليل والكثير وأراه قول أصبغ، وقال المغيرة وابن نافع لا يلزمه عتقها ولا يجوز عليها بخلاف الطلاق ولا يجوز إقراره بالدين إلا أن يقر به في مرضه فيكون في ثلثه قاله ابن كنانة واستحسن ذلك أصبغ ما لم يكثر جدا، وإن حمله الثلث، وأما بيعه وشراؤه ونكاحه وما أشبه ذلك مما يجري على عوض، ولا يقصد به قصد المعروف فإنه موقوف على نظر وليه إن كان له ولي، وإن لم يكن له ولي قدم له القاضي ناظرا له ينظر في ذلك نظر الوصي فإن لم يفعل حتى ملك أمره كان هو مخيرا في رد ذلك وإجازته ا هـ. ولا تظن أن هذا معارض لما سيأتي في قول المصنف: وتصرفه قبل الحجر محمول على الإجازة عند مالك. لا ابن القاسم؛ لأن هذا الكلام المذكور هنا إنما هو فيمن حكم له بأن فعله محمول على عدم الإجازة كما تقدم في أول كلام ابن رشد وهذا الكلام إنما هو فيمن حكم له بأن فعله لا يجوز فتأمله، والله أعلم. وذكر صاحب الذخيرة كلام صاحب المقدمات بلفظ لا يختلف مالك وأصحابه أن الإنسان قبل البلوغ محمول على السفه، وإن ظهر رشده، وأن تصرفاته من الصدقات وغيرها من المعروف مردودة، وإن أذن فيها الأب أو الوصي وتصرف المعاوضة موقوف على إجازة الولي إن رآه مصلحة وإلا رده ا هـ. قال في اللباب وقسم من أفعاله لا يمضي، وإن أجازه الولي، وهو العتق والصدقة والهبة ا هـ.
تنبيهات: الأول: قول المصنف: "مميزا" احترز به من غير المميز فإنه لا يصح تصرفه ولو بالمعاوضة كما قال في البيع: شرط عاقده تمييز، وقول الشارح نبه بالمميز على أن غير المميز أحرى بالرد غير بين في أنه يتعين رد تصرف غير المميز، والله أعلم.
الثاني: علم مما تقدم أن تصرف المميز السفيه صغيرا كان، أو بالغا كلما كان بغير عوض فإنه مردود وما كان بعوض فهو موقوف على إجازة وليه
الثالث: قوله: "وإن رشد" عائد إلى السفيه المميز بالغا كان، أو غير بالغ فله الرد إذا رشد وقوله: "أو وقع الموقع" ظاهر كلام المصنف وكلام ابن رشد المتقدم أن له أن يرده بعد بلوغه ورشده ولو كان وقع الموقع يوم عقده، وصرح به في الشامل فقال: فإن لم يكن له ولي، أو كان، ولم يعلم بتصرفه حتى رشد فالنظر له فيه دون الولي ولو كان سدادا ا هـ.
الرابع: قوله: "ولو حنث بعد بلوغه" لو قال بعد رشده لكان أبين وأوضح وظاهر كلامه أن ذلك عام في الصغر والسفه.
الخامس: قال في كتاب المديان من المدونة: ولا يجوز للمولى عليه عتق ولا هبة،

الصفحة 638