كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 6)

إلا أن يوصي لكل وارث بمعين بقدر ميراثه فهل تصح؟ على وجهين.
__________
"الثلث والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" متفق عليه وحديث عمران في المملوكين الستة الذين أعتقهم المريض وليس له مال سواهم يدل على أنه لا يصح تصرفه فيما زاد على الثلث إذا لم يجز الورثة وتجوز بإجازتهم لأن الحق لهم.
وأما الوصية للوارث فكالوصية لغيره بزيادة على الثلث في أنها تصح بإلاجازة وتبطل بالرد بغير خلاف قاله ابن المنذر وابن عبد البر لما روى أبو إمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" رواه أحمد وابو داود والترمذي وحسنه وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال: "لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة" رواه الدارقطني وقال بعض أصحابنا الوصية باطلة وإن أجازها الوارث إلا أن يعطوه عطية مبتدأة أخذا من ظاهر قول أحمد في رواية حنبل لا وصية لوارث وقاله المزني وغيره لظاهر خبر أبي أمامة والأكثر على صحتها في نفسها لأنه تصرف صدر من أهله في محله فصح كالأجنبي والخبر قد خص بخبر عمر وإن الاستثناء من النفي إثبات فيكون دليلا على الصحة عند الإجازة ولو خلا من الاستثناء جاز أن يكون معناه لا وصية نافذة أو لازمة ونحوهما أو يقدر لا وصية لوارث عند عدم الإجازة.
وفائدة الخلاف أنها إن كانت صحيحة فأجازتهم تنفيذ وإلا هبة مبتدأة ويستثنى من ذلك إذا أوصى بوقف ثلثه على بعض الورثة فإنه يصح نص عليه وحاصلة أنها تكره لغير وارث بأكثر من الثلث وتصح وتلزم بالإجازة.
وعنه تحرم الزيادة عليه فتبطل وحدها ولا يجوز لوارث بثلثه نص عليه وفي التبصرة تكره وتصح على الأصح بالإجازة.
"إلا أن يوصي لكل وارث بمعين بقدر ميراثه" كمن خلف ابنا وبنتا وعبدا قيمته مائة وأمه قيمتها خمسون فأوصى للابن بالعبد وللبنت بالأمة "فهل تصح؟ على وجهين" كذا أطلقهما جماعة أشهرهما أنها تصح لأن حق الوارث في القدر

الصفحة 11