كتاب النجم الوهاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 6)

وَالأَصَحُّ: أَنَّ الْحَقِيرَ لاَ يُعَرَّفُ سَنَةً، بَلْ زَمَنًا يُظَنُّ أَنَّ فَاقِدَهُ يُعْرِضُ عَنْهُ غَالِبًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرع:
ليس للملتقط تسليم المال إلى غيره ليعرفه إلا بإذن الحاكم، فإن فعل .. ضمن.
قال: (والأصح: أن الحقير لا يعرف سنة، بل زمنًا يظن أن فاقده يعرض عنه غالبًا) أشار بذلك إلى تعريف اللقطة إنما يجب إذا جمعت وصفين:
أحدهما: أن يكون شيئًا لا يفسد في مدة التعريف، فإن كان يفسد كالهريسة والرطب .. فقد تقدم حكمه.
والثاني: كون الملتقط كثيرًا، فإن كان قليلاً .. ينظر، إن انتهت قلته إلى حد يسقط تموله كحبة الحنطة والزبيبة .. فلا يعرف، ولواجده الاستبداد به؛ لأن عمر رأى رجلاً يعرف زبيبة فضربه بالدرة وقال: (إن من الورع ما يمقته الله) وإن كان متمولاً مع قلته .. وجب تعريفه؛ لأن فاقده يطلبه، خلافًا لأبي حنيفة ومالك، وفيه وجه منقول في (الإستذكار).
نعم؛ يستثنى من التعريف: ما لو التقط بالصحراء ما يسرع فساده كرطب وهريسة؛ فإنه لا يجب تعريفه على الظاهر؛ إذ لا فائدة له بالصحراء، وإذا تأخر .. بَعُدَ العثور على المستحقين.
وكم يعرف؟ فيه وجهان:
أحدهما: سنة؛ لإطلاق الأخبار، وهو ظاهر نص (المختصر)، واختاره العراقيون والقاضي حسين والشيخ، وشذ الغزالي في (البسيط) فزعم: أنه لم يقل به أحد.
والثاني: المنع؛ لأن الشيء الحقير لا يدوم فاقده على طلبه، بخلاف الخطير، (و) لأن عمر رضي الله عنه رأى جرابًا فيه سويق تطؤه الإبل، فأخذه فعرفه، فلم يعرفه أحد، فأمر بقدح فشرب منه وسقى أصحابه وقال: (هذا خير من أن تطؤه الإبل) ولم ينكر عليه، وهذا أشبه باختيار المعظم.

الصفحة 34