كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 6)

أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا، وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ، حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ". فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى المَدِينَةِ قَال: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى المَدِينَةِ نَظَرَ إِلَى أُحُدٍ فَقَال: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ" ثُمَّ نَظَرَ إِلَى المَدِينَةِ فَقَال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا بِمِثْلِ مَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ".
[انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 6/ 86]
(قتيبة) أي: ابن سعيد بن جميل بفتح الجيم: الثقفي. (يعقوب) أي: ابن عبد الرحمن بن محمَّد القاري بتشديد الياء.
(عن عمرو) أي: ابن أبي عمرو مولى المطلب. (التمس) أي: عين. (يخدمني) بالرفع استئناف وبالجزم جواب الأمر. (حتى أخرج إلى خيبر) أي: إلى غزوتها، وكانت سنة سبع. واستشكل من حيث أن ظاهره أن ابتداء خدمة أنس للنبي - صلى الله عليه وسلم - كان حينئذٍ فيكون إنما خدمه أربع سنين؛ لأنَّ وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت حينئذٍ سنة إحدى عشرة من الهجرة. لكن صح عن أنس أنه قال: خدمت النبي - صلى الله عليه وسلم - تسع سنين (¬1). وفي رواية: عشر سنين (¬2). وأجيب: بأن معنى قوله لأبي طلحة: (التمس غلامًا من غلمانكم) تعيين من يخرج معه في تلك السفرة، فعين له أبو طلبة أنسًا، فينحط الالتماس على الاستئذان في المسافرة به، لا في أصل الخدمة
¬__________
(¬1) رواه أحمد 3/ 100، وأبو يعلى 6/ 312 (3628)، وابن أبي عاصم (354).
(¬2) سيأتي برقم (5166) كتاب: النكاح، باب: الوليمة حق.

الصفحة 35