كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 6)

وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ" أَوْ كَمَا قَال: وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاثَةٍ، وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ، وَأَبُو بَكْرٍ ثَلاثَةً، قَال: فَهُوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي، وَلَا أَدْرِي هَلْ قَال: امْرَأَتِي وَخَادِمِي، بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى العِشَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ ضَيْفِكَ؟، قَال: أَوَعَشَّيْتِهِمْ؟ قَالتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ، قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ، فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ، فَقَال يَا غُنْثَرُ، فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وَقَال: كُلُوا، وَقَال: لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا، قَال: وَايْمُ اللَّهِ، مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنَ اللُّقْمَةِ إلا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا، وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلُ، فَنَظَرَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا شَيْءٌ أَوْ أَكْثَرُ، قَال لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ، قَالتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي، لَهِيَ الآنَ أَكْثَرُ مِمَّا قَبْلُ بِثَلاثِ مَرَّاتٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَال: إِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ، يَعْنِي يَمِينَهُ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَمَضَى الأَجَلُ فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ، قَال: أَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ، أَوْ كَمَا قَال.
[انظر: 602 - مسلم: 2057 - فتح: 6/ 587]
(وإن أبا بكر جاء بثلاثة) أي: زائدة على أربعة؛ لأنه كان عنده طعام أربعة وكأنه أخذه سابقًا زائدًا على ما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس، أو سادس) لإرادة أن يؤثره بنصيبه؛ لكونه لم يأكل معهم. (وأبو بكر ثلاثة) بالنصب بأَخَذَ مقدرًا، وليس هذا تكرارا مع ما قبله؛ لأن الغرض من ذاك الإخبار بأن أبا بكر كان من المكثرين ممن عنده طعام أربعة فأكثر ومن هذا بيان سوق الكلام على ترتيب القصة من أن أخذ أبي بكر الثلاثة الزائدة على الأربعة كان بعد انظلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعشرة. (قال) أي: عبد الرحمن بن

الصفحة 624