كتاب الاستذكار (اسم الجزء: 6)

فَإِذَا جَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَجَدَ الْقَضَاءَ عَلَى غَيْرِ مَا قَضَى بِهِ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا يُؤْخَذُ هَذَا عَلَى صِحَّةٍ لِابْنِ مَسْعُودٍ وَفِي مَسْأَلَةِ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبِ كَانَ قَدْ أَفْتَى بِالْكُوفَةِ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْأُمِّ وَالرَّبِيبَةِ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ لَهُ عُمَرُ وَعَلِيٌّ إِنَّ الشَّرْطَ فِي الرَّبِيبَةِ وَالْأُمُّ مُهْمَلَةٌ فَرَجَعَ إِلَى ذَلِكَ
وَهَذَا لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ أَحَدٌ قَدْ كَانَ عُمَرُ بِالْمَدِينَةِ يَعْرِضُ لَهُ مِثْلُ هَذَا فِي أَشْيَاءَ يَرْجِعُ فِيهَا إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ عَلَى جَلَالَةِ عُمَرَ وعلمه
وبن مَسْعُودٍ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الْأَخْيَارِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِيهِمْ بِصَاحِبِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ له ((آذنك على أن ترفع الْحِجَابُ وَأَنْ تَسْمَعَ سِوَادِي حَتَّى أَنْهَاكَ))
وَفَسَّرَ العلماء السواد ها هنا بِالسِّرَارِ
وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ لَمَّا أَمَرَ عُثْمَانُ بِالْمَصَاحِفِ أَنْ تُشَقَّقَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي
قَالَ أَبُو وَائِلٍ فَقُمْتُ إِلَى الْخَلْقِ لِأَسْمَعَ مَا يَقُولُونَ فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي بِمَنْ كَانَ بِالْكُوفَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ يَوْمَئِذٍ وَنَزَلَهَا مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ
وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ أَبُو مَسْعُودٍ مَا أَرَى رَجُلًا أَعْلَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ لَيَوْمٌ أَوْ سَاعَةٌ أُجَالِسُ فِيهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَوْثَقُ فِي نَفْسِي مِنْ عَمَلِ سَنَةٍ كَانَ يسمع حتى لَا نَسْمَعُ وَيَدْخُلُ حِينَ لَا نَدْخُلُ
وَقَالَ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ مَا دَامَ هَذَا الحبر بين أظهركم - يعني بن مَسْعُودٍ
وَأَخْبَارُهُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَثِيرًا مِنْهَا فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
وَأَمَّا اعْتِلَالُ الْعِرَاقِيِّينَ بِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يُمْكِنُ صِفَتُهُ بِغَيْرٍ مُسَلَّمٍ لَهُمْ لِأَنَّ الصِّفَةَ فِي الْحَيَوَانِ أَنْ يَأْتِيَ الْوَاصِفُ فِيهَا بِمَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَيُوجِبُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ وَغَيْرِهِ كَسَائِرِ الْمَوْصُوفَاتِ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَحَسْبُ الْمُسْلِمِ إِلَيْهِ إِذَا جَاءَ بِمَا تَقَعُ عَلَيْهِ تِلْكَ الصِّفَةُ إِنْ بِعْتَهُ مِنْهُ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي اسْتِقْرَاضِ الْإِمَاءِ

الصفحة 519