كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 6)

ومعنى المسألة: أن قيمة الشعير تزداد إذا خلط بالحنطة، وقيمة الحنطة تنقص إذا اختلطت بالشعير، فصاحب الشعير يضرب بقيمة الشعير غير مخلوط، وصاحب الحنطة يضرب بقيمة الحنطة مخلوطة؛ لأن الزيادة في الشعير حصلت من مال صاحب الحنطة، فلا يستحق صاحب الشعير الضرب بتلك الزيادة، والنقصان في الحنطة حصل بفعل رضي به صاحب الحنطة، وهو الخلط، وقيمة ملكه عند البيع ناقص، فلا يستحق الضرب إلا بذلك القدر، وطعن عيسى بن إبان في الفصلين جميعاً فقال: قول محمد في الفصل الأول: يعتبر قيمة متاع كل واحد منهما يوم خلطاه، وفي الفصل الثاني: يعتبر قيمة متاع كل واحد منهما يوم يقتسمون غلط، والصحيح: أنه يعتبر قيمة متاع كل واحد منهما يوم وقع البيع؛ لأن استحقاق الثمن بالبيع، وهكذا ذكر محمد في «المنتقى» ، ومما ذكر في «المنتقى» : أن في المسألة روايتين.
وإن أراد تجويز الشركة بالعروض فالحيلة في ذلك أن يبيع كل واحد منهما نصف عروض نفسه بنصف عروض صاحبه حتى صار مال كل واحد منهما مشتركاً بينهما شركة ملك، ثم يعقدان عقد الشركة بعد ذلك إن شاءا مفاوضة، وإن شاءا عياناً، وتصير العروض رأس مال الشركة، والعروض بعدما صار مشتركاً بينهما شركة ملك يصلح رأس مال الشركة، (135أ2) وإن كان قبل ذلك لا يصلح.
وكذلك إذا كان لأحدهما دراهم، وللآخر عروض ينبغي أن يبيع صاحب العروض نصف عروضه بنصف دراهم صاحبه، ويتقابضان به مشتركان؛ إن شاءا مفاوضة، وإن شاءا عياناً؛ هكذا ذكر شيخ الإسلام في شرح كتاب الشركة قبل باب بضاعة المفاوض.
وفي «المنتقى» هشام عن محمد: عبد بين رجلين اشتركا فيه شركة مفاوضة أو عيان فهو جائز.

وفيه أيضاً: رجل له طعام، ورجل له طعام، فاشتركا عليهما، وخلطاهما وأحدهما أجود من الآخر، فالشركة في هذا جائزة والثمن بينهما نصفان؛ قال: من قبل أن هذا أشبه البيع معنىً لخلطهما على أنه بينهما. وقال في موضع آخر في هذا الكتاب: يقسم الثمن بينهما على قدر قيمة الجيد والرديء.
ولو كان رأس مال أحدهما دراهم، ورأس مال الآخر دنانير؛ جازت الشركة عند علمائنا الثلاثة عناناً كان أو مفاوضة في المشهور، وروى الحسن عن أبي حنيفة: أن المفاوضة لا تجوز، وهكذا روي عن أبي يوسف، وعند زفر والشافعي لا تجوز الشركة أصلاً عناناً كان أو مفاوضة.
وهذا بناءً على أن عند زفر الخليط شرط صحة الشركة، فلا يصح بمالين لا يختلطان، وعندنا الخلط ليس بشرط لصحة الشركة، فيصح بمالين لا يختلطان؛ هذا كله بيان شرائط جواز الشركة بالمال عناناً كان أو مفاوضة.

ثم تختص المفاوضة بزيادة شرائط، فمن جملة ذلك التنصيص على المفاوضة حتى إنهما إذا لم يتلفظا بلفظ المفاوضة كانت الشركة عناناً؛ هكذا عن أبي حنيفة؛ قال شمس

الصفحة 7