كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 6)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQإيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ، رُوِيَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا أَيْ نِزَاعٌ.
الثَّانِيَةُ: ذَكَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ آثَارًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشْدِيدِ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا فِيمَنْ تَدَايَنَ فِي سَرَفٍ أَوْ فَسَادٍ، أَوْ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذِمَّتَهُ لَا تَفِي بِمَا يُدَانُ بِهِ لِقَصْدِ إتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ وَقَدْ وَرَدَ «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَهُوَ يُرِيدُ إتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ» ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ فَرْضِ الزَّكَاةِ وَنُزُولِ آيَةِ الْفَيْءِ وَالْخُمْسِ. الثَّالِثَةُ: فِي الْمُقَدِّمَاتِ مَنْ تَدَايَنَ فِي غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا فَسَادٍ عَالِمًا بِأَنَّ ذِمَّتَهُ تَفِي بِهِ فَغَلَبَهُ الدَّيْنُ وَعَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ مِنْ الزَّكَاةِ أَوْ مِنْ الصَّدَقَاتِ كُلِّهَا إنْ رَأَى ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الَّذِي رَأَى أَنَّ جَعْلَ الزَّكَاةِ كُلِّهَا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ مُجْزٍ. وَقَدْ قِيلَ لَا تَجُوزُ تَوْفِيَةُ دَيْنِ مَيِّتٍ مِنْ الزَّكَاةِ فَيُؤَدِّيهِ الْإِمَامُ مِنْ الْفَيْءِ. الرَّابِعَةُ: فِيهَا أَيْضًا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَعَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ الْوَصِيَّةُ بِأَدَائِهِ عَنْهُ، فَإِنْ أَوْصَى بِهِ وَتُرِكَ وَفَاؤُهُ فَلَا يُحْبَسُ عَنْ الْجَنَّةِ، وَعَلَى الْإِمَامِ وَفَاؤُهُ فَإِنْ لَمْ يُوَفِّهِ فَهُوَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ. وَفِي التَّمْهِيدِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِعَ عَشَرَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَالدَّيْنُ الَّذِي يُحْبَسُ بِهِ صَاحِبُهُ عَنْ الْجَنَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الَّذِي تُرِكَ وَفَاؤُهُ وَلَمْ يُوصِ بِهِ، أَوْ قَدَرَ عَلَى أَدَائِهِ وَلَمْ يُؤَدِّهِ، أَوْ أَدَانَهُ فِي غَيْرِ حَقٍّ أَوْ فِي سَرَفٍ وَمَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّهِ. وَأَمَّا مَنْ أَدَانَ فِي حَقٍّ وَاجِبٍ لِفَاقَتِهِ وَعُسْرِهِ وَلَمْ يُتْرَكْ وَفَاؤُهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَحْبِسُهُ بِهِ عَنْ الْجَنَّةِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ عَنْهُ مِنْ الصَّدَقَاتِ أَوْ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ أَوْ مِنْ الْفَيْءِ الرَّاجِعِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الذَّخِيرَةِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْحَبْسِ عَنْ الْجَنَّةِ فِي الدَّيْنِ مَنْسُوخَةٌ بِمَا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى السُّلْطَانِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ فَتْحِ الْفُتُوحَاتِ. الْخَامِسَةُ: فِيهَا أَيْضًا قَدْ كَانَ الْحُكْمُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بَيْعُ الْمَدِينِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِشَرَائِعِ مَنْ قَبْلَهُ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ، وَذَكَرَ
الصفحة 4
504