كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 6)

لَا وُهِبَ لَهُ، إنْ عَلِمَ وَاهِبُهُ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ

وَحُبِسَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبُوهُ فِي الدَّيْنِ (إنْ وُهِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَبُو الْمُفْلِسِ الرَّقِيقَ (لَهُ) أَيْ الْمُفْلِسُ فَيُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ قَبُولِهِ هِبَتَهُ (إنْ عَلِمَ وَاهِبُهُ) أَيْ الْأَبُ (أَنَّهُ) أَيْ الْأَبَ (يُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ لِأَنَّ وَاهِبَهُ قَصَدَ عِتْقَهُ حِينَئِذٍ لَا بَيْعَهُ فِي دَيْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عِتْقَهُ عَلَيْهِ بِيعَ فِي الدَّيْنِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ أَبُوهُ وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ، قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ مُفْلِسًا وَرِثَ أَبَاهُ أَوْ وَهَبَ لَهُ مَاذَا يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ مِنْهُ، فَقَالَ إنْ وَرِثَهُ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَأَيْنَ أَوْلَى بِهِ كَشَيْءٍ أَفَادَهُ.
وَأَمَّا إنْ وُهِبَ لَهُ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الدَّيْنِ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوهَبْ لَهُ لِيَأْخُذَهُ أَهْلُ الدَّيْنِ. اهـ. مِنْ الْبَيَانِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَسَكَتَ عَنْ شِرَائِهِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ ابْتِدَاءً وَبَعْدَ وُقُوعِهِ فَاسِدٌ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَصَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ الْغُرَمَاءِ عَلَى نَقْلِ الشَّارِحِ، أَوْ نَظَرِ الْحَاكِمِ عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالصَّوَابُ الْوَسَطُ، ثُمَّ إنْ رَدَّهُ الْغُرَمَاءُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَجَازُوهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْعِتْقِ يَقُولُهُ لَا بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُبَاعُ إلَخْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَحُبِسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُهُ ضَمِيرُ الْمُفْلِسِ. طفي هَذَا هُوَ الصَّوَابُ إذْ هُوَ الْمُحَدِّثُ عَنْهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ لِجَعْلِهِمَا حَبْسَ الْمُفْلِسِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كَوْنِ الْحَبْسِ مِنْ أَحْكَامِ الْمُفْلِسِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْمَاهِيَّةِ تَابِعَةٌ لَهَا، أَمَّا فِي الْوُجُودِ، وَإِمَّا فِي الزَّمَانِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا بِحَبْسِ الْمُفْلِسِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فَلَسُهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِهِ وَوَجَبَ إنْظَارُهُ فَكَيْفَ يُحْبَسُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَأَنْوَاعُ الْمَحْبُوسِينَ بِالدَّيْنِ يَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ الْآنَ وَلَيْسَ الْمُفْلِسُ وَاحِدًا مِنْهَا اهـ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مُرَادَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ بِكَوْنِ الْحَجْرِ مَلْزُومًا لِلْحَبْسِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ الْعُسْرُ لَا مُطْلَقًا، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ شَاسٍ بِهَذَا فَقَالَ الثَّالِثُ حَبَسَهُ إلَى ثُبُوتِ إعْسَارِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَازِمٌ لِلْحَجْرِ، قَالَ فِيهَا وَيَبِيعُ الْإِمَامُ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ مَالٍ فَيَتَوَزَّعُهُ غُرَمَاؤُهُ وَيُحْبَسُ فِيمَا بَقِيَ إنْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ أَوْ اُتُّهِمَ. اهـ. وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنْ ثَبَتَ فَلَسُهُ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ التَّفْلِيسَ مَوْقُوفٌ عَلَى إثْبَاتِ الْعُدْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت مِنْ لَفْظِهَا، وَقَدْ اعْتَرَضَ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي ضَيْح وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ.

الصفحة 49