كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 6)

لِثُبُوتِ عُسْرِهِ، إنْ جُهِلَ حَالُهُ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لَهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ فَغَرِمَ، إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَوْ أُثْبِتَ عَدَمُهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQعب مُقْتَضَى نَقْلِ الشَّارِحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ ضَمِيرَ حُبِسَ لِلْمِدْيَانِ مُفْلِسًا أَمْ لَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَمْ لَا، وَتُقَيِّدُهُ أَيْضًا التَّبْصِرَةُ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفُلِّسَ إلَى قَوْلِهِ يَطْلُبُهُ إلَخْ. الْبُنَانِيُّ ضَمِيرُ حُبِسَ لِلْمِدْيَانِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ جُمْلَةَ هَذَا التَّقْسِيمِ ظَاهِرُ الْمَلَأِ وَمَعْلُومِهِ وَغَايَةِ حَبْسِهِ (لِثُبُوتِ عُسْرِهِ) فَإِنْ ثَبَتَ وَجَبَ إنْظَارُهُ، أَفَادَ شَرْطُ حَبْسِهِ بِقَوْلِهِ (إنْ جُهِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (حَالُهُ) أَيْ الْمَدِينِ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ مَلِيءٌ أَوْ مُعْدِمٌ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَلَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ دَيْنُهُ عَنْ مُعَاوَضَةٍ أَوْ لَا تَقْدِيمًا لِلْغَالِبِ وَهُوَ التَّكَسُّبُ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْفَقْرُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ فَقِيرًا لَا مَالَ لَهُ، ثُمَّ يَتَكَسَّبُ غَالِبًا. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ حَبْسِهِ إنْ عُلِمَ عُسْرُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِوُجُوبِ إنْظَارِهِ.
(وَ) إنْ (لَمْ يَسْأَلْ) الْمَدِينُ (الصَّبْرَ) أَيْ تَأْخِيرَ الْحَبْسِ (لَهُ) أَيْ إثْبَاتُ عُسْرِهِ حَالَ كَوْنِهِ آتِيًا (بِحَمِيلٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ ضَامِنٍ لَهُ (بِوَجْهِهِ) أَيْ ذَاتِ الْمَدِينِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَالتُّونُسِيُّ وَعِيَاضٌ وَغَيْرُهُمْ. فِي ضَيْح عِيَاضٌ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا هَلْ الْجَمِيلُ بِالْوَجْهِ أَوْ بِالْمَالِ الصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ بِالْوَجْهِ هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْقَرَوِيِّينَ وَالْأَنْدَلُسِيِّينَ، وَلَا يَقْتَضِي النَّظَرَ غَيْرُهُ. وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ يُكَلَّفُ بِحَمِيلِ الْمَالِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْعَدَمُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ حَمِيلِ الْمَالِ سُجِنَ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ (فَغَرِمَ) الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى مَضْمُونِهِ (إنْ لَمْ يَأْتِ) الْحَمِيلُ (بِهِ) أَيْ الْمَضْمُونُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ عَدَمُهُ، بَلْ (وَلَوْ أُثْبِتَ) الْحَمِيلُ (عُدْمُهُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ فَقْرُ الْمَضْمُونِ كَذَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبَعًا لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمَدِينِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ عُدْمِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ عُدْمِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ مِنْهُ. وَقَالَ فِي بَابِ الضَّمَانِ لَا يَغْرَمُ إنْ أُثْبِتَ عُدْمُهُ أَوْ مَوْتُهُ فِي غَيْبَتِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ اسْتِحْسَانٌ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ ذَكَرَهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ، وَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي

الصفحة 50