كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 6)

أَوْ ظَهَرَ مَلَاؤُهُ إنْ تَفَالَسَ

وَإِنْ وَعَدَ بِقَضَاءٍ وَسَأَلَ تَأْخِيرَ كَالْيَوْمِ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ، وَإِلَّا سُجِنَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQرُجْحَانَهُمَا، وَشَهَرَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ طَرِيقَةَ اللَّخْمِيِّ. بَعْضُ مَشَايِخِ الْبُنَانِيِّ وَبِهَا الْعَمَلُ بِفَاسَ وَمَحَلُّهَا مَنْ لَمْ يُظَنُّ بِهِ كَتْمُ الْمَالِ وَإِلَّا غَرِمَ اتِّفَاقًا.
وَعُطِفَ عَلَى جُهِلَ حَالُهُ فَقَالَ (أَوْ ظَهَرَ مَلَاؤُهُ) بِالْمَدِّ أَيْ غِنَى الْمَدِينِ بِسَبَبِ جَمَالِ لُبْسِهِ وَخَدَمِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ حَقِيقَةُ أَمْرِهِ فَيُحْبَسُ (إنْ تَفَالَسَ) أَيْ ادَّعَى فَلَسَ نَفْسِهِ وَقَالَ لَا شَيْءَ لِي يَفِي بِدَيْنِي وَلَمْ يَعُدْ بِقَضَائِهِ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ بِحَمِيلٍ وَإِلَّا فَلَا يُحْبَسُ، وَهَلْ وَلَوْ بِالْوَجْهِ كَمَجْهُولِ الْحَالِ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ بِالْمَالِ فَقَطْ وَهُوَ لِسَحْنُونٍ، وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى غَيْرِ الْمُلِدِّ، وَالثَّانِي عَلَى الْمُلِدِّ.

(وَإِنْ وَعَدَ) مَنْ ذُكِرَ مِنْ مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرُ الْمَلَأِ (بِقَضَاءٍ) لِلدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ (وَسَأَلَ) أَيْ طَلَبَ (تَأْخِيرَ) الْحَبْسِ زَمَنًا يَسِيرًا (كَالْيَوْمِ) وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ يَوْمًا آخَرَ فَقَطْ (أَعْطَى) أَيْ أَقَامَ الْمَدِينُ (حَمِيلًا بِالْمَالِ) وَأُخِرَ قَالَهُ سَحْنُونٌ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُؤَخَّرُ ثَلَاثًا وَأَرْبَعًا وَخَمْسًا. فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ أَحْسَنُ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِحَمِيلِ الْوَجْهِ لِظُهُورِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ لِوَعْدِهِ بِهِ قَالَهُ تت، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ (سُجِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ حَتَّى يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ أَوْ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ.
الْحَطّ فِي الْمُقْنِعِ يَحْبِسُ الْأَخْرَسُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ يَعْقِلُ، وَيَكْتُبُ أَوْ يُشِيرُ وَهُوَ كَالصَّحِيحِ. وَيُحْبَسُ الْأَعْمَى وَالْمُقْعَدُ وَمَنْ لَا يَدَيْنِ لَهُ وَلَا رِجْلَيْنِ وَجَمِيعُ مَنْ بِهِ وَجَعٌ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ مِنْ الْحَبْسِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَمَنْ بِهِ وَجَعٌ إلَخْ أَنَّ مَنْ مَرَّ بِهِ مَرَضٌ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ حَبْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ تَلَقَّى الْأَشْيَاخُ بِالْقَبُولِ مَا فِي ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ لَا يُسْجَنُ فِي الْحَدِيدِ إلَّا مَنْ سُجِنَ فِي دَمٍ. قُلْت وَكَذَا مَنْ لَا يُؤْمَنُ هُرُوبُهُ. اهـ. وَانْظُرْ أُجْرَةُ الْحَبَّاسِ عَلَى مَنْ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِيهَا نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَأُجْرَةِ عَوْنِ الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَلِدْ الْمَطْلُوبُ وَيَخْتَفِي قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الصفحة 51