كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 6)

أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، وَلَا بَاطِنٌ، حَلَفَ كَذَلِكَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي أَبِي الْحَسَنِ لَا يَثْبُتُ الْعُسْرُ إلَّا بِشَهَادَةِ أَكْثَرِ مِنْ عَدْلَيْنِ كَالتَّرْشِيدِ وَالسَّفَهِ وَصِفَةُ الشَّهَادَةِ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ (إنَّهُ) أَيْ الْمَدِينُ (لَا يُعْرَفُ) الشَّاهِدُ (لَهُ) أَيْ الْمَدِينِ (مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا) وَجَوَابُ إنْ شَهِدَ بِعُسْرِهِ (حَلَفَ) الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْعُسْرِ حَلِفًا (كَذَلِكَ) أَيْ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ فِي نَفْيِ الْعِلْمِ بِأَنْ يَقُولَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَمْ أَعْرِفْ لِي مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ، فَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُقَيَّدِ، وَذَكَرَ فِي ضَيْح الْخِلَافَ، وَرَجَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ حَلِفَهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَاعْتَرَضَهُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِهِ، وَعَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ إنْ تَرَكَ مِنْ الْيُمْنِ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا فَلَا تُعَادُ لِأَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِمَا وَطُلِبَ بِهِمَا ابْتِدَاءً لِزِيَادَةِ الْإِرْهَابِ الَّتِي رُبَّمَا أَوْجَبَتْ ظِهَارَ مَا أَخْفَاهُ، وَلِذَا قِيلَ بِوُجُوبِهِمَا. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: هَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَحْلِفُ فِيهَا الْمَشْهُودُ لَهُ مَعَ بَيِّنَتِهِ، وَمِنْهَا دَعْوَى الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ بِالنَّفَقَةِ، وَمِنْهَا الْقَضَاءُ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ، وَضَابِطُهَا بَيِّنَةٌ شَهِدَتْ بِظَاهِرٍ فَإِنَّهُ يَسْتَظْهِرُ لَهَا بِيَمِينِ الْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى بَاطِنِ الْأَمْرِ إلَّا الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْفَقْرِ لِتَكُونَ نَفَقَتُهُ عَلَى وَلَدِهِ فَلَا يَحْلِفُ مَعَ بَيِّنَتِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي النَّفَقَاتِ وَأَثْبَتَا الْعَدَمَ لَا بِيَمِينٍ.
الثَّانِي: فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ لَا يَعْرِفُ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلِابْنِ رُشْدٍ صِفَةُ الشَّهَادَةِ بِالْعُدْمِ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ إنَّهُ يَعْرِفُهُ فَقِيرًا عَدِيمًا لَا يَعْلَمُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، زَادَ ابْنُ عَاتٍ وَلَا تَبَدَّلَتْ حَالَتُهُ إلَى غَيْرِهَا إلَى حِينِ إيقَاعِهِمْ شَهَادَتَهُمْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ قَالَ فَقِيرٌ عَدِيمٌ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا فَفِي بُطْلَانِهَا قَوْلَانِ، بِنَاءً عَلَى حَمْلِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا أَنَّهَا عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَلَوْ نَصَّ عَلَى الْبَتِّ وَالْقَطْعِ لَبَطَلَتْ.
الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ قَدْ تَنْزِلُ مَسَائِلُ لَا تُقْبَلُ فِيهَا الْبَيِّنَةُ بِالْفَقْرِ مِنْهَا مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُنَجَّمٌ قَضَى بَعْضَهُ وَادَّعَى عَجْزَهُ عَنْ بَاقِيهِ وَحَالَتُهُ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَمَنْ ادَّعَى الْعَجْزَ عَنْ نَفَقَةِ

الصفحة 53