كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 6)

وَإِنْ سَأَلَ تَفْتِيشَ دَارِهِ، فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَرُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ إنْ بَيَّنَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُفْتِي ابْنُ الْفَخَّارِ. ابْنُ عَرَفَةَ كَانَ بَعْضُ قُضَاةِ بَلَدِنَا لَا يَحْكُمُ بِهَذِهِ الْيَمِينِ وَهُوَ حَسَنٌ فِيمَنْ لَا يُظَنُّ عِلْمُهُ لِبُعْدِهِ عَنْهُ.

(وَإِنْ سَأَلَ) رَبُّ الدَّيْنِ (تَفْتِيشَ دَارِهِ) أَيْ الْمَدِينِ لِإِتْهَامِهِ بِأَنَّهُ أَخْفَى مَالَهُ فِيهَا (فَفِي) تَمْكِينِ (هـ) مِنْهُ وَعَدَمِهِ (تَرَدُّدٌ) ابْنُ نَاجِي الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِعَدَمِهِ وَالْحَانُوتُ كَالدَّارِ عِنْدِي وَوَقَعَتْ بِأَحْكَامِي مَسْأَلَةٌ بِبَاجَّةِ وَرَأَيْتهَا أَخَفَّ وَهِيَ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَنْ يُجِيبَهُ مَالًا وَسَأَلَ تَفْتِيشَهُ، فَقَالَ الْغَرِيمُ لَا شَيْءَ فِيهِ فَحَكَمْت بِتَفْتِيشِهِ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَيْءٌ، وَالْكَيِّسُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، وَلَا يَحْلِفُ فِي هَذَيْنِ وَشَبَهِهِمَا. الْبُنَانِيُّ أَفْتَى بِتَفْتِيشِ الدَّارِ فُقَهَاءُ طُلَيْطِلَة وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَاتٍ وَابْنُ مَالِكٍ. ابْنُ سَهْلٍ وَأَنَا أَرَاهُ حَسَنًا فِيمَنْ ظَاهِرُهُ الْإِلْدَادُ وَالْمَطْلُ، وَقَدْ اسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ تَفْتِيشَ دَارِهِ وَعَزَاهُ لِابْنِ شَعْبَانَ، وَنَصَّهُ وَفِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ السُّلْطَانَ يَكْشِفُهُ وَيَبْلُغُ مِنْ كَشْفِهِ مَا لَا يَبْلُغُهُ هَؤُلَاءِ مَا يَقُومُ مِنْهُ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُفَتِّشَ عَلَيْهِ دَارِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ أَنَّهُ يُفَتِّشُ عَلَيْهِ دَارِهِ. وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي ذَلِكَ وَالْأَظْهَرُ أَنْ تُفَتَّشَ عَلَيْهِ دَارُهُ فَمَا أَلْفَى فِيهَا مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ فَادَّعَتْهُ زَوْجَتُهُ كَانَ لَهَا، وَمَا أَلْفَى فِيهَا مِنْ عُرُوضِ تِجَارَتِهِ بِيعَ لِغُرَمَائِهِ وَلَا يَصْدُقُ إنْ ادَّعَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ وَمَا أَلْفَى فِيهَا مِنْ الْعُرُوضِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ تِجَارَتِهِ فَادَّعَى أَنَّهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ جَرَى ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَابْنُ رُشْدٍ.
(وَ) أَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمَلَاءِ الْمَدِينِ وَبَيِّنَةٌ بِعُدْمِهِ (رُجِّحَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ) بِالْمَدِّ عَلَى بَيِّنَةِ الْعُدْمِ (إنْ بَيَّنَتْ) بِبَيِّنَةِ الْمَلَاءِ سَبَبُهُ بِأَنْ قَالَتْ لَهُ مَالٌ يَفِي بِدَيْنِهِ أَخْفَاهُ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَمُثْبِتَةٌ وَشَاهِدَةٌ بِالْعِلْمِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ لَهُ مَالٌ بَاطِنٌ أَخْفَاهُ قُدِّمَتْ اتِّفَاقًا. الْبُنَانِيُّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ بَيَّنَتْ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ الْمَوَّاقُ فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ بَيِّنَةُ

الصفحة 55