كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 6)

وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ إنْ طَالَ سِجْنُهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَالشَّخْصِ

وَحُبِسَ النِّسَاءِ عِنْدَ أَمِينَةٍ، أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ، وَالسَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَلَاءِ سَبَبَهُ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ بَيَّنَتْ سَبَبَهُ أَمْ لَا، وَاَلَّذِي جَرَى الْعَمَلُ بِهِ تَقَدُّمُ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ وَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَهُ قَالَهُ عج.

(وَأُخْرِجَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مِنْ السِّجْنِ الْمَدِينُ (الْمَجْهُولُ) حَالُهُ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ وَلَا عُدْمُهُ (إنْ طَالَ سَجْنُهُ) بِفَتْحِ السِّينِ، وَطُولُهُ يُعْتَبَرُ (بِقَدْرِ الدَّيْنِ) قِلَّةً وَكَثْرَةً (وَ) حَالِ (الشَّخْصِ) الْمَدِينِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَخُشُونَةً وَرَفَاهِيَةً، وَيُخْلَى سَبِيلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ طُولَ السَّجْنِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ بِالْعُسْرِ. وَمَفْهُومُ الْمَجْهُولِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ وَمَعْلُومَهُ لَا يَخْرُجَانِ بِطُولِ السَّجْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ يَخْرُجُ بَيِّنَةٌ بِعُدْمِهِ، وَالثَّانِي لَا يَخْرُجُ بِهَا، بَلْ إمَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْمَوْتِ أَوْ بَيِّنَةٍ بِذَهَابِ مَالِهِ الْمَعْلُومِ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ.

وَلَمَّا كَانَ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِ هَذَا الْبَابِ لَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ وَيَجْرِي فِي النِّسَاءِ ذَكَرَ مَا يَخْتَصُّ بِهِنَّ فَقَالَ (وَحُبِسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (النِّسَاءُ) الْمُفْلِسَاتُ (عِنْدَ) امْرَأَةٍ (أَمِينَةٍ أَوْ ذَاتِ) رَجُلٍ (أَمِينٍ) زَوْجٍ أَوْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْ ذَاتُ أَمِينٍ عُطِفَ عَلَى أَمِينَةٍ فَيُفِيدُ جَوَازَ الْحَبْسِ عِنْدَ ذَاتِ الْأَمِينِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ أَمِينَةً لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةَ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَمَانَتِهَا أَيْضًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ وَهُوَ أَيِّمٌ أَوْ مُنْفَرِدَةٌ عَنْ رِجَالٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ كَوْنُهَا أَمِينَةً سَوَاءٌ كَانَتْ وَحْدَهَا أَمْ لَا.
(وَ) حُبِسَ (السَّيِّدُ) فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ (لِمُكَاتَبِهِ) إنْ لَمْ يَحِلَّ مِنْ نُجُومِ كِتَابَتِهِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي قِيمَتِهَا مَا يَفِي بِهِ، وَلَا يُقَاصِصْهُ السَّيِّدُ جَبْرًا عَلَيْهِ بِهَا إذَا كَانَ دَيْنُهُ حَالًّا أَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا وَقِيمَةُ الدَّيْنِ اخْتِلَافًا لَا تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ مَعَهُ وَيُحْبَسُ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إذَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِعِتْقِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ السَّيِّدُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ وَحُبِسَ السَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَلِأَنَّ الْحُقُوقَ لَا يُرَاعَى فِيهَا الْحُرِّيَّةُ وَلَا عُلُوُّ الْمَنْزِلَةِ بِدَلِيلِ حَبْسِ الْمُسْلِمِ فِي دَيْنِ الْكَافِرِ. وَهَذَا يَقْتَضِي حَبْسَ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدِينِ إذَا اُحْتِيجَ فِي وَفَاءِ دَيْنِهِ لِمَالِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَحُبِسَ

الصفحة 56