كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 6)

وَالْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ كَالْأَخَوَيْنِ، وَالزَّوْجَيْنِ إنْ خَلَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْأَبُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَدَّعِيهِ الْوَلَدُ عَلَيْهِ، وَنَصَّهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٌ لَا يَقْضِي بِتَحْلِيفِهِ أَبَاهُ وَلَا يُمْكِنُ مِنْهُ إنْ ادَّعَى إلَيْهِ وَلَا أَنْ يَحُدَّهُ فِي حَدٍّ يَقَعُ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْعُقُوقِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْيَمِينِ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ وَفِي الْحَدِّ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا} [الإسراء: 23] ، وَلَمَّا جَاءَ أَنَّهُ مَا بَرَّ وَالِدَيْهِ مَنْ شَدَّ النَّظَرَ إلَيْهِمَا أَوْ إلَى أَحَدِهِمَا، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَمِينَ لِلْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ» ، وَيَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِتَحْلِيفِهِ فِي حَقٍّ يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ وَبِحَدِّهِ فِي قَذْفِهِ، وَيَكُونُ عَاقًّا بِهِ وَلَا يُعْذَرُ فِيهِ بِجَهْلٍ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْعُقُوقَ مِنْ الْكَبَائِرِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ مِنْهُ أَحَدٌ، وَهَذَا فِيمَا ادَّعَاهُ الْوَلَدُ عَلَى وَالِدِهِ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى الْوَالِدُ عَلَى وَلَدِهِ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَرَدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ لَهُ شَاهِدٌ بِحَقِّهِ عَلَى وَلَدِهِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي لَهُ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ، وَكَذَا إنْ تَعَلَّقَ بِيَمِينِهِ حَقٌّ لِغَيْرِ ابْنِهِ فَتَلْزَمُهُ الْيَمِينُ بِاتِّفَاقٍ كَدَعْوَى الْأَبِ تَلَفَ صَدَاقِ ابْنَتِهِ وَطَلَبَهُ الزَّوْجَ بِجِهَازِهَا، وَكَدَعْوَى زَوْجِ الْبِنْتِ عَلَى أَبِيهَا نِحْلَتَهُ لَهَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا وَأَنْكَرَ الْأَبُ، اهـ.
(وَ) إلَّا الْيَمِينُ (الْمُتَعَلِّقُ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ) أَيْ الْوَلَدِ كَدَعْوَى الْأَبِ تَلَفَ صَدَاقِ ابْنَتِهِ وَطَلَبَهُ زَوْجَهَا بِجِهَازِهَا، أَوْ أَنَّهُ أَعَارَهَا شَيْئًا مِنْ الْجِهَازِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى فَيَحْلِفُ الْوَالِدُ (وَلَمْ يُفَرَّقْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا فِي السِّجْنِ (بَيْنَ كَالْأَخَوَيْنِ) مِنْ الْأَقَارِبِ (وَالزَّوْجَيْنِ) الْمَحْبُوسَيْنِ فِي حَقٍّ عَلَيْهِمَا (إنْ خَلَا) السِّجْنَ فَلَا يُجَابُ الطَّالِبُ لِلتَّفْرِيقِ، فَإِنْ لَمْ يَخْلُ حُبِسَ الرَّجُلُ مَعَ الرِّجَالِ وَالْمَرْأَةُ مَعَ النِّسَاءِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَقَوْلُهُ الْآتِي بِخِلَافِ زَوْجَةٍ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَجَعَلَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا وَاسْتَظْهَرَ مَا لِسَحْنُونٍ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُ وَقَبِلَهُ، وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا عِنْدَهُ بِخِلَافِ لِعَدَمِ تَوَارُدِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ

الصفحة 58