كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 6)

وَلَوْ مَسْكُوكًا، وَآبِقًا،
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ بَابِ أَحْرَى. وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا أَيْضًا. قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا خِلَافَ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ الْبَائِعَ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ. ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» . عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا مُرْسَلٌ وَوَصَلَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوُهُ قَالَ «فَإِنْ كَانَ قَضَاهُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَأَيُّمَا امْرِئٍ هَلَكَ وَعِنْدَهُ مَتَاعُ امْرِئِ بِعَيْنِهِ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَقْتَضِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ الْمُوَطَّإِ مُرْسَلٌ وَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَأَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ مِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ وَصَلَهُ. ابْنُ رُشْدٍ «إنْ فُلِّسَ مُبْتَاعُ سِلْعَةٍ قَبْلَ قَبْضِهَا فَبَائِعُهَا أَحَقُّ بِهَا وَلَوْ فِي مَوْتِ مُبْتَاعِهَا وَإِنْ قَبَضَهَا فَبَائِعُهَا أَحَقُّ بِهَا فِي فَلَسِهِ دُونَ مَوْتِهِ» ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ لِمَنْ وَجَدَ نَفْسَ سِلْعَتِهِ فِي تَفْلِيسِ مُبْتَاعِهَا أَخَذَهَا عَنْ ثَمَنِهَا.
وَبَالَغَ عَلَى أَخْذِ عَيْنِ مَالِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ فَقَالَ (وَلَوْ) كَانَ مَالُهُ الْمُحَازُ عَنْهُ الثَّابِتُ كَوْنُهُ لَهُ بِبَيِّنَةٍ وَطَبْعٍ عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّهْنِ أَوْ إقْرَارِ الْمُفْلِسِ بِهِ قَبْلَ فَلَسِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ (مَسْكُوكًا) دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ عَرَّفَتْهَا الْبَيِّنَةُ بِعَيْنِهَا أَوْ كَانَتْ مَطْبُوعًا عَلَيْهَا أَخَذَهُ الْمُفْلِسُ رَأْسَ مَالٍ سَلَمٍ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قِيَاسًا لَهُ عَلَى السِّلْعَةِ، وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِ أَشْهَبَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ إنَّمَا فِيهَا مَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ أَوْ مَتَاعَهُ وَالْمَسْكُوكُ لَا يُطْلَقُ ذَلِكَ عَلَيْهِ عُرْفًا (وَ) لِلْمُحَازِ عَنْهُ مَبِيعُهُ وَفُلِّسَ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ أَخَذَهُ وَلَوْ رَقِيقًا (آبِقًا) مِنْ الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَعَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِالْمُبَالَغَةِ، وَإِلَى قَوْلِ أَصْبَغَ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْمُحَاصَّةُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهَا وَاتِّبَاعُ الْآبِقِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ.

الصفحة 61