كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQإقْرَارُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَيْضًا إذَا قَامُوا وَوَثَبُوا عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ التَّفْلِيسِ. ابْنُ الْمَوَّازِ يُرِيدُ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ.
طفي فَهَذِهِ النُّصُوصُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّفْلِيسَ وَاحِدٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ وَلَيْسَ أَعَمَّ وَأَخَصَّ، وَكُلُّهُمْ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمَسَائِلَ الْمَمْنُوعَةَ بَعْدَ التَّفْلِيسِ مُسْتَوِيَةٌ فِيهِ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهِ. وَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ هَذَا تَفْلِيسٌ يَمْنَعُ مِنْ كَذَا، وَهَذَا تَفْلِيسٌ يَمْنَعُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ مُنْصِفًا اهـ. الْبُنَانِيُّ وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ التَّعْبِيرِ بِهِمَا لِتَرَتُّبِ أَحْكَامِ الْأَعَمِّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ وُجِدَ الْأَخَصُّ أَوْ لَا، فَأَعَمِّيَّتُهُ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ لَا بِاعْتِبَارِ الصِّدْقِ، وَأَصْلُ الْإِشْكَالِ لِلْوَانُّوغِيِّ إذْ قَالَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْأَعَمِّ دَأْبُهُ الِانْطِبَاقُ عَلَى الْأَخَصِّ وَلَيْسَ الْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ جِنْسَ الْأَخَصِّ حُكْمُ الْحَاكِمِ وَجِنْسُ الْأَعَمِّ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ. الرَّصَّاعُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْأَعَمِّيَّةَ وَالْأَخَصِّيَّةَ هُنَا بِاعْتِبَارِ الْأَحْكَامِ لَا بِاعْتِبَارِ الصِّدْقِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَخَصُّ مِنْ الثَّانِي فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، يَعْنِي أَنَّ الْأَوَّلَ إذَا ثَبَتَ مُنِعَ مِنْ كُلِّ مَا مَنَعَهُ الثَّانِي دُونَ الْعَكْسِ. اهـ. كَلَامُ الْبُنَانِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ طفى نَفَى انْقِسَامَ التَّفْلِيسِ وَادَّعَى أَنَّهُ وَاحِدٌ مُخْتَلَفٌ فِي تَفْسِيرِهِ وَأَنَّهُ مُسْتَوْفِي الْأَحْكَامِ، وَهَذَا مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ الْحُكْمَ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْقِيَامِ كَحُلُولِ الْمُؤَجَّلِ وَبَيْعِ السِّلَعِ وَالْحَبْسِ.
وَقَالَ أَصْبَغُ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي رَجُلٍ قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَفَلَّسُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَأَخَذُوا مَالَهُ ثُمَّ دَايَنَهُ آخَرُونَ أَنَّ الْآخَرَ أَوْلَى بِمَا فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ تَفْلِيسِ السُّلْطَانِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ عِنْدِي تَفْلِيسٌ كَتَفْلِيسِ السُّلْطَانِ سَوَاءٌ. اهـ. فَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي أَنَّ التَّفْلِيسَ قِسْمَانِ، وَأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ وَقِسْمَتِهِ هُوَ الْأَصْلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَانُّوغِيُّ أَثْبَتَ الْقِسْمَيْنِ وَتَخَالُفَهُمَا فِي الْأَحْكَامِ، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ فِي الْأَعَمِّيَّةِ وَالْأَخَصِّيَّةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَنَّ مَنْ لَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْ تَبَرُّعِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ.

الصفحة 8