كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الدَّيْنَ أَحَاطَ بِمَالِهِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَبَرُّعِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. الْمَشَذَّالِيُّ ابْنُ هِشَامٍ لَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لَا يَدْرِي هَلْ يَفِي مَالُهُ بِهَا أَمْ لَا جَازَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى فِيمَنْ دَفَعَ لِمُطَلَّقَتِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ ثُمَّ فُلِّسَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَ يَوْمَ دَفْعِ النَّفَقَةِ قَائِمَ الْوَجْهِ لَمْ يَظْهَرْ فِي فِعْلِهِ سَرَفٌ وَلَا مُحَابَاةٌ فَذَلِكَ جَائِزٌ. ابْنُ رُشْدٍ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: قَائِمَ الْوَجْهِ جَائِزَ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ الْفَلَسُ مَأْمُونًا عَلَيْهِ مَعَ كَثْرَةِ دُيُونِهِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهَا مُغْتَرِقَةٌ لِجَمِيعِ مَالِهِ فَيَقُومُ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا إنَّ مَنْ تَصَدَّقَ أَوْ وَهَبَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِقَوْمٍ إلَّا أَنَّهُ قَائِمُ الْوَجْهِ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ الْفَلَسُ، فَإِنَّ أَفْعَالَهُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ لَمْ تُحْصِ الشُّهُودُ قَدْرَ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ وَالدُّيُونِ.
وَبِهَذَا كَانَ يُفْتِي ابْنُ زَرْبٍ وَيَحْتَجُّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَيَقُولُ لَا يَخْلُو أَحَدٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَوْلُهُ صَحِيحٌ وَاسْتِدْلَالُهُ حَسَنٌ. وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ يَغْتَرِقُ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ هِبَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَيَحُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ وَيُؤَدِّي مِنْهُ عَقْلَ جُرْحِ خَطَأٍ أَوْ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ. لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ جُرْحٍ فِيهِ قِصَاصٌ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ إذَا كَانَ الرَّجُلُ قَائِمَ الْوَجْهَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ فَحَمَالَتُهُ وَصَدَقَتُهُ مَاضِيَةٌ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ دُيُونًا كَثِيرَةً فَهِيَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ لَا وَفَاءَ لَهُ بِمَا فَعَلَ مِنْ الْمَعْرُوفِ.
الثَّالِثُ: أَفْهَمَ قَوْلُهُ الدَّيْنُ أَنَّ مَنْ أَحَاطَتْ التَّبِعَاتُ بِمَالِهِ لَا يُفَلَّسُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ، اُنْظُرْ كَلَامَهُ فِي الْكَبِيرِ قَالَهُ تت. طفي أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَنْ اغْتَرَقَتْ التَّبِعَاتُ مَا بِيَدِهِ وَلَا يَعْلَمُ مُنْتَهَى مَا عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْتَضِيَ مِنْهُ شَيْئًا مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الْحِصَاصِ فِي مَالِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ لَهُ أَمْ لَا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ تَفْلِيسِهِ إذْ فَائِدَتُهُ قَسْمُ مَالِهِ عَلَى دُيُونِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَهَا، فَقَوْلُ " ح " لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى عَدَمِ تَفْلِيسِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. الْبُنَانِيُّ عج وَمَنْ تَبِعَهُ إنَّمَا قَالُوا لَا

الصفحة 9