كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 6)

دورة المياه في الطبيعة في صور توضح مراحل تحول الماء من بخار إلى مطر أو جليد وهكذا
يقول تعالى في سورة الواقعة أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ (70). يفسر صاحب الظلال رحمه اللّه هذه الآيات المباركة بقوله: وهذا الماء أصل الحياة وعنصرها الذي لا ينشأ إلا به كما قدر اللّه، ما دور الإنسانية فيه؟ دوره أنه يشربه، أما الذي أنشأ عناصره وأما الذي أنزله من سحائبه فهو اللّه سبحانه. وهو الذي قدر أن يكون عذبا فكان، لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً، مالحا لا يستساغ ولا ينشئ الحياة فهلا يشكرون فضل اللّه الذي أجرى مشيئته بما كان؟، والمخاطبون ابتداء بهذا القرآن كان الماء النازل من السحائب، وفي صورته المباشرة، مادة حياتهم، وموضع احتفالهم، والحديث الذي يهز نفوسهم، وقد خلدته قصائدهم وأشعارهم .. ولم تنقص قيمة الماء بتقدم الإنسان الحضاري بل لعلها تضاعفت.
والذين يشتغلون بالعلم ويحاولون تفسير نشأة الماء الأولى أشد شعورا بقيمة هذا الحدث من سواهم. فهو مادة اهتمام للبدائي في الصحراء وللعالم المشتغل بالأبحاث سواء «1».
أشرنا في كتاب سابق «2» إلى دور استخدامات البوليمرات في معالجة التصحر، ولا يخفى
______________________________
(1) تفسير الظلال، سيد قطب، ج/ 6، ص 3469.
(2) انظر كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم)، الباب الثالث/ الفصل الثاني.

الصفحة 20