كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 6)

على أحد دور الماء أيضا ضمن هذه الاستخدامات بالإضافة إلى طرق أخرى كلها يدخل بها الماء. ولا أعتقد أني سآتي بجديد إذا ما قلت أن الماء هو العنصر الذي تتوقف الحياة فعلا بدونه حديثها وقديمها. ولو لاحظنا الآية المباركة كيف تسلسلت في الماء واستخداماته:
الماء الذي تشربون: هذا الماء الذي لا غنى لكم عنه.
أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون: السحب والمطر (علمه وفوائده وتفاعلاته مع التربة وعملية الإنبات) لو نشاء جعلناه أجاجا: عملية تحويل الماء النافع إلى ماء ضار لا فائدة منه في أي مضمار أو استخدام.
فلو لا تشكرون: وجوب الشكر على هذه النعمة العظيمة (قانون إلهي أثبتت صحته موجات الجفاف التي تعصف بالأرض الآن).
وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كلما قرأ هذه الآية أو يشرب الماء يقول (الحمد للّه الذي جعله عذبا فراتا برحمته ولم يجعله أجاجا بذنوبنا) «1».
لاحظ أن اللّه تعالى قد خص المطر كمصدر لهذا الماء بأن يجعله مالحا ولم يذكر الماء الجوفي فلو قدر اللّه أن يتبخر الملح مع الماء أو يتسامى كما في حالة النفثالين لأمكن تخيل أن جميع المياه السطحية والجوفية تصبح مالحة مثل ماء البحر وبالتالي لا تقوم حياة بشرية أو حيوانية. وقد ثبت أن العملية الكهروكيميائية المصاحبة لنزول المطر والتي شرحنا بعض تفاصيلها في كتاب السحب وكذلك ما يحصل من تفريغ كهربي بالبرق، كل ذلك يكون بتفاعل نسبة نتروجين معينة تؤدي إلى التأثير على حصول الخصائص الكيميائية للماء بأن يكون لا قاعديا ولا حامضيا مستساغا حلوا طيبا، أما إذا زيدت هذه النسبة فسيؤدي إلى حصول قاعدية معينة أو حامضية معينة للماء بما يجعله مجامرا غير مستساغ. فتدبر أخي الكريم قوله تعالى: لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ (70)، (الواقعة: 70)، والأجاج هو البالغ المرارة، أي لو يشاء اللّه تعالى أن يغير تلك النسب ليجعل المطر مرا غير مستساغ، ولكم أن تتخيلوا النتائج!!.
______________________________
(1) صفوة التفاسير، محمد علي الصابوني، المجلد الثالث، ص 313، أخرجه ابن أبي حاتم.

الصفحة 21