كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 6)

وسط مجموعة من الناس، فهو اختلط معهم ولم يمتزج بهم. ومن هنا جاء التعبير عن المراعي والبساتين أحيانا بلفظ (مروج)، أي الأماكن النباتية الخضراء التي ترعى فيها الدواب، وتختلط مع بعضها، ولكنها في آخر النهار تنفصل ويذهب كل مع صاحبه ..
وفي آخر النص تقرأ (حجرا محجورا) بين كلمتي البحر والنهر، عند مصاب الأنهار بالذات، وهو ما تم ذكره من وجود هذا الحاجز المائي بما فيه من أنواع كائنات حية وخصائص مائية لا توجد في كل من النهر أو البحر، فهو (حجر) على ذاته، (محجور) منفصل عن كل من البحر والنهر في خصائصه والكائنات الحية التي تعيش فيه.
لنضرب أمثلة لهذه الظاهرة البحرية، في الخليج العربي مثلا تندفع الأنهار الجوفية العذبة قرب دولتي البحرين وقطر في مياه الخليج المالحة دون أن يختلط أحدهما بالآخر ... وعند ملتقى نهر الكنج والجامونا في مدينة (اللّه آباد) يتحد ماء النهرين مع بقاء غشاء التمدد السطحي فاصلا بينهما طوال مسيرتيهما ... وكذلك عند تدفق مياه نهر النيل في البحر المتوسط، يبدو خط من الماء الحلو يشق طريقه بوضوح وسط مياه البحر المالحة دون أن يختلط بها «1» ..
وبعد هذه المعلومات في علوم البحار، نتجه إلى القرآن الكريم لنقرأ هذه الآية المعجزة التي تشير بوضوح وجلاء إلى كل ما توصلت إليه البحوث والدراسات الحديثة في هذا الموضوع .. فبالإضافة إلى الآية (53) من سورة الفرقان، هناك آيات أخرى عديدة تشير إلى الحقائق التي اكتشفت بعد نزول هذا الكتاب الكون.
1 - قال تعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (19) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (20) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ والْمَرْجانُ (22)، (الرحمن: 19 - 22).
2 - وقال تعالى: وما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وهذا مِلْحٌ أُجاجٌ ومِنْ كُلٍّ تَاكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها ... ، (فاطر: 12).
3 - وقال تعالى: أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وجَعَلَ لَها رَواسِيَ وجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (61)، (النمل: 61).
4 - وقال تعالى: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ والْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وظَنُّوا أَنَّهُمْ
______________________________
(1) برنامج المعجزة الخالدة، الجزء الأول، العلوم الطبيعية، قرص ليزري مدمج، 1998.

الصفحة 45