كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 6)

أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22)، (يونس: 22).
1 - الآية الأولى: تشير إلى الحقائق الآتية:
أ - البحران بينهما برزخ أي حاجز بحيث لا يطغى ماء أحدهما على الآخر.
ب - هذا الحاجز غير ثابت فهو مضطرب، لأن كلمة مرج تدل على الذهاب والإياب والاضطراب.
ج - أنه يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان للزينة وهذا يدل على أنهما بحران مالحان نظرا لطبيعة أو نوع الحيوان الذي يعيش فيهما.
بعد أن تقدمت علوم البحار وجدوا أن مياه البحار لا تختلط ببعضها بالرغم من التقائها وتحتفظ كل كتلة مائية بخصائصها من الكثافة والملوحة والحرارة والأحياء المائية ... الخ .. ولهذا السبب قام علماء من ألمانيا مختصون في علوم البحار عام 1962 باختيار المياه في باب المندب حيث يلتقي البحر الأحمر بالمحيط الهندي وأخذوا يقيسون خصائص الماء في هذا المضيق لعدة أشهر وتحركوا على طول باب المندب فوجدوا أن هناك خطا واحدا يفصل بين الماءين. ولكن هذا الخط أو الحاجز غير ثابت فمرة يذهب إلى الشرق ومرة إلى الغرب حسب هبوب الرياح الموسمية. وإذا حدث مد عاد الحاجز إلى وضعه الأول وإذا حدث جزر تحرك الحاجز. فهو في حالة ذهاب وإياب واضطراب. مرج البحرين يلتقيان، كذلك يخرج من كلاهما اللؤلؤ والمرجان لأن هذه الكائنات لا تعيش إلا في البحار المالحة.
2 - الآية (53) التي ذكرناها في سورة الفرقان تدل على وجود هذا الحاجز أيضا بين مياه البحار والأنهار. وهذا يشاهد عيانا في مصب الأنهار في البحار. فترى ماء النهر يجري لمسافة عدة كيلومترات دون أن يختلط بماء البحر.
كذلك عند حدوث المد فإن ماء البحر يدخل النهر ولكنهما لا يختلطان فيبقى العذب عذبا والمالح مالحا .. أن هناك قانونا ضابطا للأشياء السائلة، يسمى (قانون الشد السطحي Surface Tension )، وهو يفصل بين السائلين؛ لأن (تجاذب) الجزيئات يختلف من سائل لآخر، ولذا يحتفظ كل سائل باستقلاله في مجاله. وقد استفاد العلم الحديث كثيرا من هذا القانون، الذي عبر عنه القرآن الكريم بقوله سبحانه: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (20)، واللّه أعلم. وملاحظة هذا البرزخ لم تخف عن أعين القدماء، كما

الصفحة 46