كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 6)

يعيدنا لمعنى قوله تعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (19)، (الرحمن: 19) .. بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (20)، (الرحمن: 20) «1».
يقول الأستاذ عبد المجيد الزنداني عن هذا السبق والإعجاز القرآني المذهل: ((لا يمكن لبشر أن يكتشف حقيقة علمية يتطلب الاستقصاء عنها الغوص إلى أعماق سحيقة لأن الإنسان لا يحتمل جسمه أن يغوص في الماء سوى إلى 30 مترا لأنه يكون عليه الضغط الجوي 4 ضغط جوي ويجعل النيتروجين يذوب في الدماء ويؤثر في الجسم ويفقد السيطرة عليه، فإذا وصلت 30 مترا، ومن المستحيل أن يصل الإنسان بجسمه إلى عمق 100 متر أو 200 متر، كما هو الموضوع الذي سنتحدث عنه. القرآن أخبرنا عن ظاهرة يبدأ ظهورها بعد 200 متر، طبعا في وقت النبي صلى اللّه عليه وسلم كان علم البحار تغلب عليه الأسطورة والخرافة، فضلا عن أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ما ركب بحرا أصلا .. وفي مجتمع صحراوي يخبرنا القرآن عن ظلمات توجد في أعماق البحار .. في البحار العميقة وليست البحار السطحية، ويذكر لنا سبب تكون هذه الظلمات ولم تكتشف هذه الظلمات ولم تكتشف أسبابها إلا برحلة طويلة جدا من البحث العلمي حتى تكاملت الاكتشافات فتقدمت الصورة فوجد علماء البحار أن هناك ظلاما شديدا على بعد 300 متر، 500 متر ويشتد كلما نزلنا إلى أسفل لدرجة أن الغواصة إذا نزلت لا بد أن يكون معها آلات إنارة، بل والأسماك التي تعيش في هذه المناطق لا بد أن يكون لها كشاف تحت كل عين من عيونها تكشف لها كشافات، أو تكون عمياء لأنه ليس هناك ضوء، يقول اللّه جل وعلا (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ) يشبه الظلمات التي يعيش فيها الكافر بظلمات في بحر عميق .. انظر وتأمل كيف قال (لجي) بحر وليس أي بحر (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ - أي عميق - يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) يغشاه يعني يغطيه .. كيف يغطيه وفوقه موج؟
المفروض الموج هذا هو الغطاء، معناه هناك بحر ثان فيه موج، وعندئذ نعرف من هذا الوصف القرآني أن هناك بحرا عميقا وبحرا سطحيّا (يَغْشاهُ مَوْجٌ) .. (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ) البحر اللجي ما له (يَغْشاهُ مَوْجٌ) الضمير يعود إلى أقرب مذكور وهو البحر اللجي يعني يغطيه موج (مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) يعني فوقه البحر السطحي وفيه موج (مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ
______________________________
(1) سلسلة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، البحار، قرص مدمج، بتصرف.

الصفحة 61