كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 6)

ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها). ولقد سألت عددا من أساتذة علماء البحار من الشرق ومن الغرب عن هذه الظلمات وأسبابها فكانوا يجيبونني بأن أسباب هذه الظلمات في أعماق البحار ترجع إلى سببين رئيسيين:
الأول: العمق لأن الشعاع الضوئي يتكون من سبع ألوان والألوان عند ما تخترق الماء لا تخترقه بقوة واحدة بحسب اختلاف طول الموجة ولذلك يمتص اللون الأحمر على مسافة العشرين متر الأولى، بعدها لو أن غواصا يغوص وجرح وخرج منه دم وأراد أن يرى الدم لا يراه باللون الأحمر بل يراه باللون الأسود، لما ذا؟ لأن اللون الأحمر انعدم فأصبحت هناك ظلمة اللون الأحمر. ثم بعد ذلك يمتص اللون البرتقالي على مسافة 30 مترا، ثم يمتص اللون الأصفر على مسافة 50 مترا، ثم يمتص اللون الأخضر على مسافة 100 متر، وهكذا بقية الألوان السبعة، آخر لون يمتص الأزرق ولذلك نرى البحر أزرقا لأنه آخر شعاع يعني يمتص، بعد هذا العمق .. بعد هذا العمق نصل إلى 200 متر ثم نصل إلى منطقة الظلام الشديد، هذه الظلمات - كما ترى - ظلمات بعضها فوق بعض.
ثم النوع الثاني: ظلمات الحواجز الموج الداخلي الذي يغطي البحر العميق هذا لم يكتشفه البحارة الاسكندنافيون إلا عام 1900 ميلادية، انظر متى اكتشفوه 1900 ميلادية، لم يتمكن الإنسان من أن يعرف الظلمات إلا بعد عام 1933 ميلادية لما بدأ صناعة الغواصات، الموج الداخلي، الموج السطحي، السحاب، كلها حواجز تمنع مرور الشعاع الضوئي إلى أسفل فالسحاب معروف إذا وجد سحاب وجد له ظل أي وجد له ظلمة، الموج السطحي لأنه مائل عند ما يسقط الشعاع الضوئي هكذا مائلا فإنه ينعكس فإذا وقفت على شاطئ البحر فسترى الأمواج تنعكس منها الأشعة إلى عينيك وكأنها مرآة .. وكأنها مرآة تعكس هذا، هذا يدلك مقدار ما عكست الأمواج من الأشعة، فأحدثت ظلمة، الموج الداخلي يعكس معظم ما بقي من أشعة، ولذلك تأتي بعد الموج الداخلي المنحدر الحراري، انحدار واسع في درجة حرارة الماء، إذن هذه الظلمات موجودة، سببها الأعماق، سببها الحواجز، تركيبها بعضها فوق بعض، انظر إلى هذا الوصف القرآني (أَوْ كَظُلُماتٍ - ظلمات - فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ) فنسب الظلمات إلى عمق البحر (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ) ظلمات مرة ثانية ظلمات .. ظلمات جاء ذكرها بعد ذكر الحواجز، فكأنه يقول لنا: هذه

الصفحة 62