كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 6)

ومحيطات معاصرة تتسع بصدوع في القاع، وتمتد هذه الصدوع لعشرات الآلاف من الكيلومترات، فيندفع منها الحمم البركانية لتؤجج تلك القيعان بالنيران.
كما وضح أيضا أن من البحار ما ينغلق وهو في طريقة إلى التلاشي، فتتلاشى إذ ذاك من فوق قيعانه ظاهرة التأجج بالنيران، وهذه حقيقة علمية لم يصل الإنسان إلى إدراكها إلا في العقود الثلاثة الماضية، وهي حقيقة وقف أمامها الإنسان مشدوها من تجمع الأضداد (النار والمياه) فوق قيعان تلك البحار، ولم يستطع أن يعلل ذلك تعليلا منطقيا مقبولا إلا بعد العديد من المشاهدات والقياسات والتحاليل العلمية المضنية .. وإذا نظرنا في كتاب اللّه المجيد الذي لم يحرف فيه شيء على الإطلاق، ولن يحدث مدى الزمان حتى قيام الساعة، نجد أن الآية الكريمة الآتية ضمن آيات يقسم اللّه تبارك وتعالى بها نظرا لأهميتها وارتفاع قيمتها ودورها الخطير في الكون والطُّورِ (1) وكِتابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) والْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) والسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) والْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ (7) ما لَهُ مِنْ دافِعٍ (8)، (الطور: 1 - 8).
ففي الآية السادسة ورد وصف (البحر) بأنه مسجور، فما معنى (مسجور) في اللغة العربية؟؟. إنه الموقد نارا، ويعني الممتلئ بالماء بطريقة لا تغمر أهل الأرض أو تغرقهم.
وقد فهم العرب قديما على المعنى الثاني، ولكن البحوث الجيولوجية الحديثة توضح المعنى الأول لهذه الآية الكريمة، أي البحر الذي تخرج من قاعه النيران المتأججة!!، والناس قديما معذورون في لجوئهم إلى فهم التسجير بمعنى الامتلاء بالماء لدرجة عدم الفيضان، لأن العلم لم يكشف عن المعنى الأول إلا حديثا .. ويعد هذا من الإعجاز العلمي للقرآن العظيم، ويظل تجدد معاني الألفاظ مستمرا مدى الحياة ...
مسألة اشتعال البحار هذه هي من أهوال يوم القيامة أعاذنا اللّه تعالى وإياكم من شره، وحشرنا بجوار سيد رسله وخير بشره. سنفصل فيها في الكتاب الأخير من هذه السلسلة، كتاب (آخر الزمان).
دواب البحار:
يعتبر البحر عالما غريبا وهائلا بكل المقاييس، ومهما وصل البشر من تقدم فسيبقون عاجزين أمام الإحاطة بكل أسرار هذا العالم، ولعل مسألة مخلوقات البحر تمثل أحد

الصفحة 66