كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 6)

يتركه، وأنت الآن لو جعلت في جيبك مسجلاً يسجل ما تقول لوجدت العجب العجاب مما يصدر منك أحيانًا وأنت لا تفكر فيه، والرجل قد يتكلم الكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً، تهوي به في النار كذا وكذا خريفًا والعياذ بالله، (الرقيب) معناه المراقب الذي يراقبك (العتيد) الحاضر الذي لا يغيب عنك أي قول كان يكتب، ويذكر عن الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - أنه دخل عليه أحد أصحابه وهو مريض، يئن من المرض، فقال له إن فلانًا من التابعين يقول عن الملك يكتب حتى أنين المريض، فأمسك رحمه الله عن الأنين خوفًا من أن يكتب عليه، ولهذا ينبغي على الإنسان أن يقلل من الكلام ما استطاع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت (فليقل خيرًا) أي كلام فيه الخير، إما لأنه خير بذاته، وإما أنه خير لما يؤدي إليه من الألفة بين الجلساء والمحبة؛ لأنك إذا حضرت مجلسًا مثلاً ولم تتكلم فيه لم يستحب الناس الجلوس معك، لكن إذا انطلقت في الكلام المباح من أجل أن تتألفهم وتتودد إليهم فهذا خير.
تأخذ بقوله صلى الله عليه وسلم: فليقل خيرًا أو ليصمت والمهم أن من جملة الأقوال التي تكتب الغيبة، فاحذر أن تكتب عليك؛ لأنك إذا اغتبت أحدًا فإنه يوم القيامة يأخذ من حسناتك التي هي أغلى ما يكون عندك في ذلك الوقت، فإن بقي من حسناتك شيء، وإلا أخذ من سيئات الذين اغتبتهم وطرح عليك ثم طرحت في النار.
والله الموفق

الصفحة 114