كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 6)
1475 - وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم متفق عليه وفي رواية وفي بيتي وروي ظلما كثيرا وروي كبيرا بالثاء المثلثة وبالباء الموحدة فينبغي أن يجمع بينهما فيقال كثيرا كبيرا
EXهذه من الأحاديث الذي ذكرها المؤلف رحمه الله في باب الأمر بالدعاء وفضله عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن الحزن لما مضى والهم لما يستقبل والإنسان إذا كان حزينا فيما مضى مهتما لما يستقبل فإنه يتنكد عيشه لكن إذا كان لا يهتم إلا بحاضره ويستعد لمستقبله على الوجه الذي أمر به كان ذلك من طمأنينته فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الهم والحزن الهم للمستقبل والحزن للماضي كثير من الناس تجده يهتم اهتماما عظيما للمستقبل اهتماما لا داعي له فتتنكد عليه حياته ويتعب وإذا وصل إلى حد الفعل وجده سهلا وكثير من الناس أيضا لا ينسى ما مضى فيتجدد له الحزن فيتعب وأعوذ بك من العجز والهرم والكسل العجز والهرم والكسل فالعجز عدم القدرة والهرم الشيخوخة والكسل عدم الإرادة وذلك أن الإنسان إذا لم يفعل فإما لعجزه عن الفعل لمرض أو غيره أو كبر وإما لعدم عزيمته وإرادته فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من العجز والهرم والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل الجبن هو الشح بالنفس وألا يكون الإنسان شجاعا فلا يقدم في محل الإقدام وأما البخل فهو الشح بالمال لا يبذل المال بل يمسكه حتى في الأمور الواجبة لا يقوم بها وأعوذ بك من ضلع الدين وغلبة الرجال ومن غلبة الدين وقهر الرجال كلاهما صحيح فالدين هم والعياذ بالله هم بالنهار وسهر بالليل والإنسان المدين يقلق ويتعب ولكن بشرى للإنسان أنه إذا أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه وإذا أخذها يريد إتلافها أتلفه الله فإذا أخذت أموال الناس بقرض أو ثمن مبيع أو أجرة بيت أو غير ذلك وأنت تريد الأداء أدى الله عنك إما في الدنيا يعينك حتى تسدد وإما في الآخرة صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أما المتلاعب بأموال الناس والذي يأخذها ولا يريد أداءها ولكن يريد إتلافها فإن الله يتلفه والعياذ بالله وأما حديث أبي بكر رضي الله عنه فإنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم دعاء يدعو به في الصلاة وأنت الآن أفهم من السائل ومن المسئول السائل أبو بكر والمسئول النبي صلى الله عليه وسلم أحب الناس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أبو بكر والرسول صلى الله عليه وسلم أحب الناس إلى أبو بكر لا شك فالسؤال من حبيب إلى حبيبه فلابد أن يكون الجواب من أفضل الأجوبة وقوله في صلاته يحتمل في السجود أو بعد التشهد الأخير قال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم هذا دعاء جامع نافع اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وهذا اعتراف من العبد بالظلم وهو من وسائل الدعاء يعني أن ذكر الإنسان حاله إلى ربه عز وجل
الصفحة 33
800