كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 6)
قال عمر: فوالله ما إن تلاها أبو بكر حتى عقرت فما تحملني رجلاي، يعني الإنسان إذا خاف واشتد به الشيء ما يقدر أن يقف، هذه الثانية، الثالثة: إنه لما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم ارتد من ارتد من العرب، كفروا والعياذ بالله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جهز جيشًا أميره أسامة بن زيد، ليقاتل أدنى أهل الشام والجيش كان ظاهر المدينة ولكن لم يسيروا بعد، ولما ارتد العرب جاء عمر لأبي بكر، وقال لا ترسل الجيش، نحن في حاجة، فقال له أبو بكر: والله لا أحلن راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيرهم أبو بكر، فكان الصواب مع أبي بكر - رضي الله عنه - لأن الناس لما سمعوا أن أهل المدينة أرسلوا الجيوش إلى أطراف الشام، قالوا: هؤلاء عندهم قوة ولا يمكن أن نرتد، فامتنع كثير من الناس عن الردة وبقوا في الإسلام، المهم أن أبا بكر رضي الله عنه أبلغ من عمر، رضي الله عنه - في إصابة الصواب لاسيما في المواضع الضنكة الضيقة، وعلى كل حال كلا الرجلين - رضي الله عنهما - كلاهما موفق إلى الصواب، جمعنا الله وإياكم بهما في الجنة، وكلما الإنسان أقوى إيمانًا بالله وأكثر طاعة لله وفقه الله تعالى إلى الحق بقدر ما معه من الإيمان والعلم والعمل الصالح، تجده مثلاً يعمل عملاً يظنه صوابًا بدون ما يكون معه دليل من الكتاب والسنة فإذا راجع أو سأل، وجد أن عمله مطابق للكتاب والسنة، وهذه من الكرامات، فعمر رضي الله عنه قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم إن يكن فيه محدثون فإنه عمر
الصفحة 81
800