كتاب شرح رياض الصالحين (اسم الجزء: 6)

الرجال، لا يدخلون مسجداً ويسألون عن سعد إلا أثنوا عليه معروفًا.
حتى أتى هؤلاء الرجال إلى مسجد بني عبس، فسألوهم، فقام رجل فقال: أما ناشدتمونا، فإن هذا الرجل لا يعدل في القضية ولا يسير بالسرية ولا يقسم بالسوية، فقوله لا يسير في السرية، يعني لا يخرج في الجهاد، ولا يقسم بالسوية إذا غنم ولا يعدل في القضية إذا حكم بين الناس، فاتهمه هذه التهم، فهي تهم ثلاث، فقال أما إن قلت كذا (المتحدث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه) ، فلأدعون عليك بثلاث دعوات، دعا عليه أن يطيل الله تعالى عمره وفقره ويعرضه للفتن، نسأل الله العافية، ثلاث دعوات عظيمة، لكنه رضي الله عنه استثنى، قال: إن كان عبدك هذا قام رياء وسمعة يعني لا بحق، فأجاب الله دعاءه، فكان هذا الرجل طويل العمر، عمر طويلاً وشاخ حتى إن حاجبيه سقطت على عينيه من الكبر، وكان فقيراً وعرض للفتن، حتى وهو في هذه الحال وهو كبير إلى هذا الحد كان يتعرض للجواري، يتعرض لهن في الأسواق ليغمزهن والعياذ بالله، وكان يقول عن نفسه شيخ مفتون كبير أصابتني دعوة سعد.
فهذه من الكرامات التي أكرم الله بها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
وفيه فوائد عديدة منها: أن من تولى أمراً في الناس فإنه لا يسلم منهم مهما كانت منزلته، لابد أن يناله السوء قال ابن الوردي في منظومته المشهورة، التي أولها
اعتزل ذكر الأغاني والغزل ...
وقل الفصل وجانب من هذل
ودع الذكرى لأيام الصبى ...
فلأيام الصبى نجم أفل
قال فيها من جملة ما قال من حكم:

الصفحة 84