كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 6)

سمع الجاحظ رجلاً ينشد: الرمل المجزوء
إنما الراح شقيقي ... وحليفي وأليفي
فهو فروي في شتائي ... وهو خيشي في مصيفي
فقال له: لو عرف النبيذ حسن رأيك فيه لحاباك وقت السكر.
كان الحارث بن هشام المخزومي في وقعة البرموك، ويها أصيب، فأثخنته الجراح، فاستسقى ماء فأتي به، فلما تناوله نظر إلى عكرمة بن أبي جهل صريعاً في مثل حاله، فرد الإناء على الساقي وقال: امض به إلى عكرمة ليشرب أولاً فإنه أشرف مني، فمضى به إليه فأبي أن يشرب قبله، فرجع إلى الحارث فوجده ميتاً، فرجع إلى عكرمة فوجده ميتاً.
قال غلام لأبيه: أسمع الأصمعي يردد بيتين لا أرى فيهما ما يرى، قال: وما هما يا بني؟ قال: قوله: الطويل
سقى الله أياماً مضت لسن رجعاً ... إلينا وعصر العامرية من عصر
ليالي أعطيت البطالة مقودي ... تمر الليالي والشهور ولا أدري
فقال: يا بني، لو كنت عاشقاً لرأيت فيهما أضعاف ما يرى.

الصفحة 199