كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 6)

المأمون على أحمد، فعرف أحمد ذلك فقال: يا أمير المؤمنين، إنه يستملي من عينيك ما يلقاني به، ويستثير من حركتك ما تجنه له، وبلوغ إرادتك أحب إلي من بلوغ إرادتي، ولذة إجابتك آثر من لذة ظفري، وقد تركت له ما نازعني فيه، وسلمت إليه ما طلبني به؛ فشكر له المأمون ذلك.
قال أحمد بن يوسف: البغضاء تجلب الغموم وتثير الهموم، وتمر العذب وتؤلم القلب، وتقدح في النشاط وتطوي الانبساط.
أنشد لنهار بن توسعة: الكامل
قدمت صدر السيف ثم تبعته ... كالفجر مد عموده المنجابا
في مظلم الأرجاء يؤنسني به ... سيف وقلب لم يكن وجابا
كان أحمد بن يوسف يكتب بين يدي المأمون، فطلب المأمون منه السكين، فدفعها إليه والنصاب في يده، فنظر إليه المأمون نظر منكر فقال: على عند فعلت ذلك ليكون الحد لأمير المؤمنين على أعدائه؛ فعجب المأمون من سرعة جوابه وشدة فطنته.

الصفحة 202