كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 6)

وددت أن لك بلاغة محمد وأن علي غرم كذا وكذا.
قال الفضل: سمعت محمداً يقول وقد عرض عليه كتاب: كلام بليغ وليست له حلاوة، مثله مثل طعام طيب ليست له لطافة.
وقال عبد الله بن صالح: سمعت محمداً يقول لكاتب بين يديه: دع الإطناب والزم الإيجاز، فإن للإيجاز إفهاماً كما أن مع الإسهاب استبهاماً.
قال أبو سهل الرازي: كنت واقفاً على رأس الأمين فقال لكاتب بين يديه: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله محمد أمير المؤمنين إلى طاهر بن الحسين؛ أما بعد، فإن الأمر قد خرج بيني وبين أخي إلى هتك الستور، وكشف الحرم، ولست آمن أن يطمع في هذا الأمر السحيق البعيد، لشتات ألفتنا، واختلاف كلمتنا، وقد رضيت أن تكتب لي أماناً فأرج إلى أخي به، فإن تفضل علي بالعفو فأهل ذلك هو، وإن قتلني فمروة كسرت مروة، وصمصامة قطعت صمصامة، وأن يفترسني الأسد أحب إلي من أن تنهشني الكلاب. وأمر بختم الكتاب وأرسله مع ثقة إلى طاهر، فلما قرأه طاهر قال: الآن حين انحرف عنه مراقه وفساقه، وبقي مخذولاً معلولاً، يلوذ بالآمال؟! لا والله، أو يجعل في عنقه ساجوراً ويقول: ها أنا ذا قد نزلت على حكمك، فقلنا له: فما الجواب؟ قال: ما سمعتم، فانصرفنا إلى محمد بالخبر فقال: كذب العبد السوء العاض هن أمه، والله ما أبالي وقعت على الموت أو وقع علي الموت.

الصفحة 215