كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 6)

الفتى بها معجباً، فأضاق واحتاج إلى ثمنها، فحملها إلى العراق في زمن الحجاج وباعها، فوقعت إلى الحجاج فكانت تلي خدمته، فقدم عليه فتى من ثقيف، أحد بني أبي عقيل، فأنزله قريباً منه وألطفه، فدخل عليه يوماً والوصيفة تغمر رجل الحجاج وكان للفتى جمال وهيئة فجعلت الوصيفة تسارق الثقفي النظر، وفطن الحجاج فقال للفتى: ألك أهل؟ قال: لا، قال: فخذ بيد هذه الوصيفة فاسكن إليها واستأنس بها إلى أن أنظر لك في بنات عمك إن شاء الله، فدعا له وأخذ بيدها مسروراً وانصرف إلى رحله، فباتت معه ليلتها، وهربت مه بغلس، فأصبح لا يدريي أين هي؛ وبلغ الحجاج ذلك فأمر منادياً ينادي: برئت الذمة ممن آوى وصيفة، من صفتها وأمرها كيت وكيت، فلم تلبث أن أتي بها فقال لها: أي عدوة الله، كنت عندي من أحب الناس إلي، واخترت لك ابن عمي شاباً حسن الوجه، ورأيتك تسارقينه النظر، فدفعتك إليه وأوصيته بك، فما لبثت إلا سواد ليلتك حتى هربت، قالت: يا سيدي، اسمع قصتي ثم اصنع ما أحببت، فقال: هات، قالت: كنت لفلان القرشي، وكان بي معجباً فاحتاج إلى ثمني، وحملني إلى الكوفة، فلما صرنا قريباً منها دنا مني فوقع علي، فلم يلبث أن سمع زئير الأسد، فوثب عني إليه واخترط سيفه فحمل عليه وضربه فقتله، ثم أقبل إلي وما برد ما عنده فقضى حاجته، وكان ابن عمك هذا الذي اخترته لي لما أظلم الليل قام إلي، فإنه لعلى بطني إذ وقعت فارة من السقف عليه، فضرط ثم وقع مغشياً عليه، فمكثت ليلاً طويلاً أقلبه وأحركه وأرش على وجهه الماء ولا يفيق، فخفت أن تتهمني به فهربت. فما ملك الحجاج نفسه وقال: ويحك لا تعلمي بهذا أحداً فإنه فضيحة، قالت: يا سيدي على أن لا تردني إليه، قال: لك ذلك.

الصفحة 228