كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 6)

وأخي، ومن أثق به في أمري كله ويثق بي، وقد تغير عما أعهده عليه، فإن رأيت أن تأمره بالعود إلى ما كان عليه فإني له على مثله، فقال المأمون: يا يحيى، إن فساد أمر الملوك بفساد الحال بين خاصتهم، وما يعدلكما عندي أحد، فما هذا النزاع بينكما؟ فقال يحيى: والله يا أمير المؤمنين إنه ليعلم أني له على أكثر مما وصف وأني أثق بمثل ذلك منه، ولكنه رأى منزلتي منك هذه المنزلة فخاف أن أتغير له يوماً فأقدح فيه عندك فتقبل مني فيه، فأحب أن يقول هذا ليأمن مني، وإنه لو بلغ نهاية مساءتي ما قدرت أن أذكره عندك بسوء، فقال المأمون: أكذلك يا أحمد؟ قال: نعم، فقال: أستعين الله عليكما، ما رأيت أتم دهاء ولا أبلغ فطنة منكما.
كان أبو فرعون الأعرابي يرقص ابنته ويقول: الرجز
بنيتي ريحانتي أشمها ... فديت بنتي وعدمت أمها
قال علي بن عبيدة: إن أخذت عفو القلوب زكا ريعك، وإن استقصيت أكديت.
لما مات الإسكندر قالت أمه: واعجبا ممن بلغت السماء حكمته، وأقطار الأرض مملكته، وذانت له الملوك عنوة، أصبح نائماً لا يستيقظ، وصامتاً لا يتلكم، ومحمولاً على يدي من كان لا يناله نصره؛ ألا من

الصفحة 233