كتاب تفسير ابن كثير ط العلمية (اسم الجزء: 6)

دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ هُزَيْلٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ، قَالَ عُثْمَانُ: سَعْدٌ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْذِنُ فَقَامَ عَلَى الْبَابِ قَالَ عُثْمَانُ:
مُسْتَقْبَلَ الْبَابِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «هَكَذَا عَنْكَ- أَوْ هَكَذَا- فَإِنَّمَا الِاسْتِئْذَانُ مِنَ النَّظَرِ» وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِهِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه قَالَ «لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إذن فحذفته بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ» «1» وَأَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِي فَدَقَقْتُ الْبَابَ، فَقَالَ «مَنْ ذا؟» فقلت: أَنَا، قَالَ «أَنَا أَنَا» كَأَنَّهُ كَرِهَهُ «2» ، وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهَا حَتَّى يُفْصِحَ بِاسْمِهِ أَوْ كُنْيَتِهِ الَّتِي هُوَ مَشْهُورٌ بِهَا، وَإِلَّا فَكُلُّ أَحَدٍ يُعَبِّرُ عن نفسه بأنا، فَلَا يَحْصُلُ بِهَا الْمَقْصُودُ مِنَ الِاسْتِئْذَانِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِئْنَاسُ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الْآيَةِ، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
الِاسْتِئْنَاسُ الِاسْتِئْذَانُ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «3» : حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا قَالَ: إِنَّمَا هِيَ خَطَأٌ مِنَ الْكَاتِبِ حَتَّى تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلِّمُوا، وَهَكَذَا رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ- وَهُوَ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ- بِهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمِثْلِهِ، وَزَادَ: كان ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ حَتَّى تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلِّمُوا وَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ حَتَّى تُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا وَتَسْتَأْذِنُوا، وَهَذَا أَيْضًا رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «4» : حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَبِي صَفْوَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ كَلَدَةَ بْنَ الْحَنْبَلِ أَخْبَرَهُ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ بَعْثَهُ فِي الْفَتْحِ بِلِبَأٍ «5» وَجَدَايَةٍ «6» وَضَغَابِيسَ «7» ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْلَى الْوَادِي، قَالَ: فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ولم أسلم ولم أستأذن، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ارْجِعْ فَقُلِ السَّلَامُ عليكم أأدخل؟» وذلك بعد ما أسلم
__________
(1) أخرجه البخاري في الديات باب 15، ومسلم في الأدب حديث 44. [.....]
(2) أخرجه البخاري في الاستئذان باب 17، وأبو داود في الأدب باب 128، وأحمد في المسند 3/ 363.
(3) تفسير الطبري 9/ 296.
(4) المسند 4/ 414.
(5) اللبأ: أول ما يحلب عند الولادة.
(6) الجداية: من أولاد الضباء ما بلغ ستة أشهر أو سبعة، ذكرا كان أو أنثى.
(7) الضغابيس، جمع ضغبوس: صغار القثاء.

الصفحة 35