كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

أو فيه قطافًا، فلما رجع قال: "وجدنا فرسكم هذا بحرًا"، فكان بعد لا يجاري.
وفي أخرى له: ثم خرج يركض الفرس وحده فركب الناس يركضون خلفه فقال: "لن تراعوا، إنه لبحر"، فما سبق بعد ذلك اليوم.
وقوله: لن تراعوا: أي روعًا مستقرًا، أو روعًا يضركم.
وفي هذا الحديث بيان شجاعته -صلى الله عليه وسلم- من شدة عجلته في الخروج إلى العدو قبل الناس كلهم، بحيث كشف الحال ورجع قبل وصول الناس.
وفيه: بيان عظيم بركته ومعجزته في انقلاب الفرس سريعا بعد أن كان بطيئا وهو معنى قوله عليه..............
__________
قطافًا" بكسر القاف، والشك من الراوي، والمراد أنه كان بطيء المشي، وعند البخاري في باب آخر، فركب فرسًا لأبي طلحة بطيئًا، "فلمَّا رجع" بعد أن استبرأ الخبر، "قال: "وجدنا فرسكم هذا بحرًا" لسرعة جريه "فكان بعد لا يجاري" بضم أوله، وفتح الراء، مبني للمجهول، أي: لا يسابق في الجري، ولا يطيق فرس الجري معه ببركته -صلى الله عليه وسلم، قاله المصنف وغيره، وقال شيخنا: أي لا يسابق لعلمهم؛ بأنه لا يسبقه فرس غيره، "وفي أخرى له" للبخاري في باب السرعة والركض، في الفزع من كتاب الجهاد، عن أنس قال: فزع الناس، فركب -صلى الله عليه وسلم- فرسًا لأبي طلحة بطيئًا، "ثم خرج يركض الفرس وحده" من غير رفيق، "فركب الناس، يركضون خلفه، فقال:" حين رجع: "لن تراعوا" كذا في النسخ لن، والذي في البخاري في الباب المذكور: "لم تراعوا" بالميم.
قال المصنف: ولم، بمعنى، لا مجزوم بحذف النون "إنه" أي: الفرس "لبحر" أي: كالبحر في سرعة سيره، "فما سبق" بضم السين، مبني للمفعول، "بعد ذلك اليوم، وقوله: لن تراعوا، أي: روعًا مستقرًا، أو روعًا يضركم" فلا ينافي وقوع الفزع لهم، وحاصل الجواب أن فزعهم زال سريعًا، فكأنه لم يقع، لكن هذا التأويل ظاهر على ما في البخاري بالميم، أما على ما في نسخ المتن لن بالنون، فلا يظهر، لأن لن لنفي المستقبل، ولم يعلم حاله، ولذا احتاجوا إلى تأويل رواية لن في الحديث الأول، بأنها بمعنى لم إلا أن يقال: إنه بشارة منه لأهل المدينة، علمها بالوحي، والمراد في حياته، فلا يرد روعهم بعده في وقعة الحرة وغيره، "وفي هذا الحديث بيان شجاعته -صلى الله عليه وسلم- من شدة عجلته" من تعليلية "في الخروج إلى العدو قبل الناس كلهم" أي: قبل كل واحد من الناس، فأل للعموم، "بحيث كشف الحال، ورجع قبل وصول الناس، وفيه بيان عظيم بركته، ومعجزته في انقلاب الفرس سريعًا، بعد أن كان بطيئًا، وهو معنى

الصفحة 100