كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)
وشكله أملح الأشكال، وخلقه أحسن الأخلاق، فلا شكَّ يكون أجود الناس، وكيف لا وهو مستغنٍ عن الفانيات بالباقيات الصالحات.
واقتصار أنس على هذه الأوصاف الثلاثة من جوامع الكلم، فإنها أمهات الأخلاق، فإن في كل إنسان ثلاث قوى: أحدها الغضبية، وكمالها الشجاعة، ثانيها: الشهوانية وكمالها الجود، وثالثها: العقلية وكمالها النطق بالحكمة.
وفي رواية لمسلم عنه: ما سُئِلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا إلّا أعطاه، فجاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا, فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخاف الفقر.
وعنده أيضًا عن صفوان بن أمية....................
__________
وهو كونه أسخى الناس، "وشكله أملح الأشكال" من الملاحة، "وخلقه أحسن الأخلاق، فلا شَكَّ يكون أجود الناس" وأنداهم يدًا، "وكيف لا" يكون كذلك؟ "وهو مستغنٍ عن الفانيات" من متاع الدنيا، "بالباقيات الصالحات" لعله أراد بها هنا الطاعات التي ثوابها عظيم عند الله، لا خصوص سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
"واقتصار أنس على هذه الأوصاف الثلاثة من جوامع الكَلِم، فإنها أمهات" أصول "الأخلاق، فإن في كل إنسان ثلاث قوى: أحدها: الغضبية، وكمالها الشجاعة، ثانيها: الشهوانية" بفتح، فسكون، ففتح، نسبة إلى الشهوة على خلاف القياس، والقياس الشهوية، وهو كذلك في نسخة، وهي اشتياق النفس إلى الشيء، وجمعها شهوات، "وكمالها الجود، ثالثها العقلية، وكمالها النطق بالحكمة" وفي الفتح جمع أنس صفات القوى الثلاثة، العقلية، والغضبية، والشهوانية، فالشجاعة، تدل على الغضبية، والجود يدل على الشهوة، والحسن تابع لاعتدال المزاج المتتبع لصفاء النفس، الذي به جودة القريحة، الدال على العقل، فوصف بالأحسنية في الجميع. انتهى.
"وفي رواية لمسلم عنه" عن أنس "ما سُئِلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا إلّا أعطاه" لما جبل عليه من الجود والحياء، "فجاءه رجل" هو صفوان بن أمية، كما قال: غير واحد: "فأعطاه غنمًا بين جبلين" مبالغة في الكثرة، أي: إنها لكثرتها سدَّت ما بينهما، "فرجع إلى قومه" وهم قريش، "فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخاف الفقر", وذلك آية لنبوته، وفي رواية: من لا يخشى الفاقة وهي الفقر، أو الشدة، "وعنده" أي: مسلم "أيضًا", والترمذي من طريق سعيد بن المسيب، "عن صفوان بن أمية" بن خلف بن وهب، بن قدامة بن جمح القرشي،