كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)
قال: لقد أعطاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إلي، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي.
قال ابن شهاب: أعطاه يوم حنين مائة من الغنم، ثم مائة، ثم مائة.
وفي مغازي الواقدي: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى صفوان يومئذ واديًا مملوءًا إبلًا ونعمًا، قال صفوان: أشهد ما طابت بهذا إلا نفس نبي.
ويرحم الله جابر حيث قال:
هذا الذي لا يتقي فقرًا إذا ... أعطى ولو كثر الأنام وداموا
وادٍ من الأنعام أعطى آملًا ... فتحيِّرت لعطائه الأوهام
وإنما................................
__________
الجمحي، المكي، صحابي من المؤلَّفة، مات أيام قتل عثمان، وقيل: سنة إحدة أو اثنتين وأربعين، روى له مسلم، وأصحاب السنن، وعلق له البخاري، "قال: لقد أعطاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أعطاني، وأنه لأبغض الناس إليّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي. قال ابن شهاب" الزهري، بيانًا لمبهم قوله: أعطاني ما أعطاني، "أعطاه يوم حنين مائة من الغنم، ثم مائة، ثم مائة", والحكمة في كونه لم يعطها دفعة واحدة أن هذا العطاء دواء لدائه، والحكيم لا يعطي الدواء دفعة واحدة؛ لأنه أقرب للشفاء. "وفي مغازي الواقدي: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى صفوان يومئذ" أي: يوم حنين، وكان حضرها مشركًا "واديًا مملوءًا إبلًا ونعمًا" عطف تفسير؛ إذ النعم اسم للإبل خاصة, قاله أبو عبيد, لكن قيل: تطلق النعم على الإبل والغنم، وعليه هو عطف عام على خاص، وفي نسخة: ونمًا. "قال صفوان: أشهد ما طابت بهذا إلّا نفس نبي" ولفظ الواقدي، يقال: إن صفوان طاف معه -صلى الله عليه وسلم- يتصفح الغنائم؛ إذ مَرَّ بشعب مملوء إبلًا وغنمًا فأعجبه، وجعل ينظر إليه، فقال -صلى الله عليه وسلم: "أعجبك هذا الشعب يا أبا وهب"؟، قال: نعم. قال: "هو لك بما فيه" فقال صفوان: أشهد أنك رسول الله، ما طابت بهذا نفس أحد قط إلا نفس نبي.
"ويرحم الله" أبا عبد الله محمد "بن جابر حيث قال: هذا الذي لا يتقي" لا يتلبَّس بما يدفع "فقرًا إذا".
"أعطى", بل يعطي لقوة يقينه ورجائه في الله، "ولو كثر الأنام وداموا" استمروا على الطلب منه، فيستمر على الإعطاء، ولا يترك خوف الفقر، "وادٍ" بدال مهمل على حذف مضاف، أي: ملء واد "من الأنعام" بفتح الهمزة، وسكون النون: الإبل إشار لقصة صفوان "أعطي" حذف مفعوله الثاني، أي: أعطاه "آملًا" راجيًا، "فتحيرت لعطائه" لأجله "الأوهام"