كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

وكذا فسره به القاضي عياض والقرطبي والنووي.
وأخرج عبد الغني من طريق أبي عامر الخزاعي، عن عائشة قالت: جاء مخرمة بن نوفل يستأذن، فلما سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- صوته قال: "بئس أخو العشيرة". الحديث.
والمراد بالعشيرة: الجماعة أو القبيلة، وإنما تطلق -صلى الله عليه وسلم- في وجهه تألفًا ليسلم قومه، لأنه كان رئيسهم.
__________
رواه سعيد بن منصور.
وروى الحارث ابن أبي أسامة هذا الحديث مرسلًا، وفيه: "أنه منافق أداريه نفاقه، وأخشى أن يفسد على غيره"، "وكذا فسَّره به القاضي عياض والقرطبي، والنووي" جازمين بذلك؛ ونقله ابن التين عن الداودي، لكن احتمالًا جزمًا، وأخرجه عبد الغني بن سعيد في المبهمات، عن مالك بلاغًا، وابن بشكوال من طريق الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير؛ أن عيينة استأذن، فذكره مرسلًا، "وأخرج عبد الغني بن سعيد "من طريق أبي عامر الخزاعي" كذا في النسخ، وصوابه الخزاز. قال في التقريب: صالح بن رستم المزني، مولاهم أبو عامر الخزاز، بمعجمات البصري، صدوق، كثير الخطأ، مات سنة اثنتين وخمسين ومائة، "عن عائشة، قالت: جاء مخرمة بن نوفل" القرشي، الزهري، صحابي شهير من مسلمة الفتح، وكان له سن عالية، وعلم بالنسب، فكان يؤخذ عنه، وعلم بأنصاب الحرم، فبعثه عمر فيمن بعثه لتحديدها، ومات سنة أربع، أو خمس وخمسين، عن مائة وخمس عشرة سنة، "يستأذن، فلما سمع النبي (ص) صوته، قال: "بئس أخو العشيرة" الحديث" السابق.
قال الحافظ: فيحمل على التعدد، وقد حكى المنذري القولين، فقال: هو عيينة، وقيل مخرمة، وهو الراجح انتهى.
وتُعقِّب بأن حديث تسميته عيينة صحيح، وإن كان مرسلًا، وخبر تسميته مخرمة، فيه أبو يزيد المدني، وفيه كلام، وأبو عامر صالح بن رستم؛ ضعَّفه ابن معين، وأبو حاتم، ولذا قال الخطيب، وعياض وغيرهما: الصحيح أنه عيينة، قالوا: ويبعد أن يقول -صلى الله عليه وسلم- في حق مخرمة ما قال؛ لأنه كان من خيار الصحابة، "والمراد العشيرة: الجماعة" من الناس، لا واحد لها من لفظها، كما في المصباح، "أو القبيلة" قاله عياض، وقال غيره: العشيرة؛ الأدنى إلى الرجل من أهله، وهم ولد أبيه وجده، انتهى.
لإطلاق العشيرة لغة على القبيلة، وعلى بني الأب الأقربين، كما في القاموس، فلها ثلاث إطلاقات، "وإنما تطلّق -صلى الله عليه وسلم- في وجهه، تألفًا ليسلم قومه؛ لأنه كان رئيسهم" فهو أصل في

الصفحة 30