كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)
وقال القاضي عياض: لم يكن عيينة -والله أعلم- حينئذ أسلم، فلم يكن القول فيه غيبة، أو كان أسلم ولم يكن إسلامه ناصحًا، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبين ذلك لئلَّا يغترَّ به من لم يعرف باطنه، وقد كانت منه في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعده أمور تدل على ضعف إيمانه، فيكون ما وصفه به -عليه الصلاة والسلام- من علامات النبوة، وأما الأنة القول بعد أن دخل, فعلى سبيل الاستئلاف, وفي فتح الباري: إن عيينة ارتدَّ في زمن الصديق وحارب, ثم رجع وأسلم وحضر بعض الفتوح في عهد عمر. انتهى.
__________
من النعم، "وقال القاضي عياض: لم يكن عيينة والله أعلم حينئذ أسلم"؛ لأنه أسلم قبل فتح مكة، وشهدها وحنينًا والطائف، وكان من المؤلَّفة، ولم يصح له رواية، قال ابن السكن: وأخرج في ترجمته هو وقاسم بن ثابت في الدلائل، عن عيينة بن حصن، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إن موسى أجَّر نفسه بعفة فرجه وشبع بطنه" الحديث.
"فلم يكن القول فيه غيبة، أو كان أسلم، ولم يكن إسلامه ناصحًا" بل كان من المؤلَّفة الذين أعطوا من غنائم حنين، "فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبيِّنَ ذلك؛ لئلَّا يغترَّ به من لم يعرف باطنه، وقد كانت منه في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعده أمور تدل على ضعف إيمانه" كدخوله على المصطفى بلا إذن، فقال له: "اخرج فاستأذن"، فقال: إنها يمين عليَّ أن لا أستأذن على مضري، وقوله: لعمر في خلافته ما تعطي الجزل، ولا تقسم بالعدل، فغضب، فقال له الجد بن قيس: إن الله يقول: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] الآية، فتركه، ودخل على عثمان، فأغلظ له، فقال عثمان: لو كان عمر ما قدمت عليه، "فيكون ما وصفه به -عليه الصلاة والسلام- من علامات النبوة، وأمَّا الأنة، القول بعد أن دخل" على المصطفى، في المحل الذي كان فيه؛ "فعلى سبيل الاستئلاف، وفي فتح الباري أن عيينة ارتدَّ في زمن الصديق، وحارب" وبايع طلحة، قال بعضهم: فجيء به إلى الصديق أسيرًا، فكان الصبيان يصيحون به في أزقَّة المدينة، هذ الذي خرج من الدين، فيقول: عمكم لم يدخل حتى خرج، "ثم رجع، وأسلم، وحضر بعض الفتوح في عهد عمر أ. هـ".
وفي الإصابة: قرأت في كتاب الأم للشافعي، في كتاب الزكاة، أنَّ عمر قتل عيينة على الردة، ولم أر من ذكر ذلك غيره، فإن كان محفوظًا، فلا يذكر عيينة في الصحابة؛ لكن يحتمل أن يكون أمر بقتله، فبادر إلى الإسلام، فعاش إلى خلافة عثمان، وفيها أيضًا ترجمة طليحة نقلًا عن الأم، أنَّ عمر قتلهما على الردة، فراجعت في ذلك جلال الدين البلقيني، فاستغربه،