كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 6)

وما انتقم -صلى الله عليه وسلم- لنفسه. رواه البخاري.
فإن قلت: قد صح أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتل عقبة بن أبي معيط وعبد الله بن خطل وغيرهما ممن كان يؤذيه -صلى الله عليه وسلم, وهذا ينافي قوله: وما انتقم لنفسه.
فالجواب: إنهم كانوا مع ذلك ينتهكون حرمات الله.
وقيل: أراد أنه لا ينتقم إذا أوذي في غير السبب الذي يخرج إلى الكفر، كما عفا عن الأعرابي الذي جفا في رفع صوته عليه، وعن الآخر الذي جبذ بردائه حتى أثر في كتفه.
وحمل الداودي عدم الانتقام على ما يخص بالمال، وأما العرض فقد اقتص ممن نال منه.
وقد أخرج الحاكم هذا الحديث من طريق معمر عن..................................
__________
وقال: لعله قبلهما، بالباء الموحدة.
وقال القرطبي: في هذا الحديث إشارة، إلى أن عيينة خُتِمَ له بسوء؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- ذمَّه، وأخبر بأنَّ من كان كذلك كان شر الناس، وردَّه الحافظ بأن الحديث ورد بلفظ العموم، وشرط من اتصف بالصفة المذكورة أن يموت على ذلك، وقد ارتدَّ عيينة، ثم أسلم كما مرَّ. انتهى.
"وما انتقم -صلى الله عليه وسلم- لنفسه" خاصة، "رواه البخاري" ومسلم، وأبو داود في حديث عن عائشة، قالت: ما خُيِّرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلّا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنفسه إلّا أن تنتهك حرمة الله فينقتم لله، "فإن قلت: قد صح أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتل عقبة" بالقاف، "ابن أبي معيط" بعد أسره يوم بدر، "وعبد الله بن خطل" بمعجمه، فمهملة مفتوحتين، يوم فتح مكة "وغيرهما، ممن كان يؤذيه -صلى الله عليه وسلم, وهذا ينافي قوله" أي: الراوي، وهو عائشة، "وما انتقم لنفسه، فالجواب أنهم، كانوا مع ذلك ينتهكون حرمات الله" فقتلهم لذلك لا لنفسه، "وقيل: أراد" الشخص الراوي عائشة، "أنه لا ينتقم إذا أوذي في غير السبب الذي يخرج إلى الكفر، كما عفا عن الأعرابي الذي جفا في رفع صوته عليه؛ وعن الآخر الذي جبذ بردائه حتى أثر في كتفه" ومرَّ حديثه قريبًا، "وحمل الداودي" أحمد بن نصر، شارح البخاري، "عدم الانتقام على ما يختص بالمال، قال: وأما العرض، فقد اقتص ممن نال منه" قال: واقتص ممن لده في مرضه بعد نهيه عن ذلك، بأن أمر بلدهم، مع أنهم كانوا في ذلك، تأولوا أنه إنما نهاهم على عادة البشرية من كراهة النفس للدواء.
قال في الفتح: كذا قال: "وقد أخرج الحاكم هذا الحديث، من طريق معمر عن

الصفحة 34